تحدث كاتب ومعلق إسرائيلي، عن العلاقات السرية التي نسجت من “تحت الطاولة” بين العديد من الدول العربية و “تل أبيب”، وكيف يمكن أن تساهم في تحقيق حلم أحد أبرز الزعامات الإسرائيلية في إنشاء “شرق أوسط جديد”.
سور حديدي
وحتى قبل 14 سنة، عشية إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين، قال الكاتب والمعلق الإسرائيلي، جاكي خوجي: “لم نكن نعرف شيئا عما يجري داخل العراق؛ الذي كان وكأنه محاط بسور حديدي”.
ولفت أنه منذ الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، “فتح العراق على مصراعيه، ورغم أنه لا توجد علاقات رسمية معه، لكن الكثير من الإسرائيليين يقيمون علاقات مع العراقيين، بشكل خاص عن بعد”، مضيفا: “لقد أصبحت شؤونه مكشوفة ومفتوحة أمام ناظري كل العالم”.
وقال خوجي في مقال له اليوم بصحيفة “معاريف” العبرية: “سيأتي يوم تكون فيه السعودية، الإمارات، البحرين ودول أخرى مفتوحة للإسرائيليين أيضا، وذلك إن لم يكن لأغراض الزيارة فعلى الأقل للاتصالات الجارية”.
ويوم الجمعة الماضي صرح اللواء احتياط عاموس جلعاد، خلال لقاء له على القناة الأولى الإسرائيلية، بأن لديه “أخبارا طيبة، فالعلاقات مع العالم العربي رائعة، ولم يسبق أنها كانت كهذه أبدا، وهنا لا أقصد العلاقات الرسمية، بل تلك التي تجري من تحت الطاولة، فما يجري أمر غير مسبوق”.
وأوضح المعلق الإسرائيلي، أن “إسرائيل ترفض الكشف عن أي دول تقيم معها اتصالات سرية، ولكن موازين القوى في الشرق الأوسط تسمح بالتقدير عمن يدور الحديث عنهم”.
علاقات رائعة
وفضلا عن الدول الثلاثة التي ذكرت آنفا، “من المعقول أن الحديث يدور أيضا عن الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق”، بحسب خوجي الذي أضاف: “وإلى هذا يضاف ثلاث دول في شمال أفريقيا هي؛ المغرب، تونس والسودان”.
وتابع: “وفي ذات يوم وحين تفتح الملفات، قد نعرف أكثر بكثير عن مضمون هذه الاتصالات، ويمكن أن نقدر بأنها تتضمن أيضا صفقات أمنية”، مضيفا: “حين يتحدث مسؤول إسرائيلي عن علاقات رائعة وغير مسبوقة، يمكن فقط أن نتخيل كيف تبدو هذه الاتصالات بشكل عملي”.
وكشف خوجي، أن “مبعوثين إسرائيليين يدخلون ويخرجون من هذه العواصم، في حين يحل ممثلوها ضيوفا على تل أبيب بشكل سري”، مؤكدا أن وجود “خط اتصال مباشر وفاعل من هناك وإلى هنا وبالعكس”.
وأكد أن الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرس، وهو مهندس البرنامج النووي الإسرائيلي، أنه “لم يخطئ”، عندما تحدث عن “الشرق الأوسط الجديد” في كتابه الذي صدر عام 1996 بذات الاسم.
وفي ذات السياق، قال المفكر الراحل الإسلامي العربي الكبير، عبد الوهاب المسيري، في حديثه “يمكن القول بكثير من الاطمئنان إن الاستراتيجية الغربية تجاه العالم الإسلامي منذ منتصف القرن التاسع عشر تنطلق من الإيمان بضرورة تقسيم العالم العربي والإسلامي إلى دويلات إثنية ودينية مختلفة، حتى يسهل التحكم فيه”.
عالم عربي
وأوضح في خلال حديثه في مقال له بعنوان “الشرق الأوسط الجديد في التصور الأميركي الصهيوني” نشر على الجزيرة عام 2006، أن “إسرائيل غُرست في قلب هذه المنطقة لتحقيق هذا الهدف”، مؤكدا أن “عالما عربي يتسم بقدر من الترابط وبشكل من أشكال الوحدة يعني أنه سيشكل ثقلا استراتيجيا واقتصاديا وعسكريا، ويشكل عائقا أمام الأطماع الاستعمارية الغربية”.
وأكد أنه في “إطار الوحدة والتماسك تشكل إسرائيل جسما غريبا تلفظه المنطقة ما يعوق قيامها بدورها الوظيفي، كقاعدة للمصالح الغربية”، مضيفا: “وأما في إطار عالم عربي مقسم إلى دويلات إثنية ودينية… تصبح الدولة الصهيونية الاستيطانية، المغروسة غرسا في الجسد العربي، دولة طبيعية بل وقائدة”.
وقال: “التقسيم هو في واقع الأمر عملية تطبيع للدولة الصهيونية التي تعاني من شذوذها البنيوي، باعتبارها جسدا غريبا غرس غرسا بالمنطقة العربية”.
ونقل عن بيرس قوله: “لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن، فليجربوا قيادة إسرائيل إذن”، معلقا على ذلك بقوله: “هذه هي الرؤية التي طرحها برنارد لويس منذ السبعينيات وتبناها المحافظون الجدد، وتدور السياسة الأميركية في إطارها”.
عربي 21