هل يشهد عام جائحة كوفيد 19، 2020 نهاية حكم عائلة الأسد أو بداية العد التنازلي لنهاية اسطورة «إلى الأبد» بعد نصف قرن من السيطرة على سوريا؟ لا شيء مؤكدا، لكن مؤشرات عديدة ظهرت مؤخرا تجعل أكثر من مراقب يتكهن بتغييرات على رأس هرم السلطة في سوريا هدفها إحداث انفراج سياسي يظهر النظام السوري بحلة جديدة مقبولة من الغرب الذي بات مقتنعا أن سوريا تمثل تهديدا حقيقيا للاستقرار في المنطقة، ومصدر قلق دائم له من انتشار الإرهاب من ناحية، وتدفق المهاجرين من ناحية ثانية، وعلى صعيد مواز تمدد النفوذ الروسي والإيراني غير المرغوب فيهما، وبالتالي لا توجد إمكانية إعادة الإعمار في المستوى المنظور. فحليفا النظام: إيران، وروسيا. ليس لديهما أي إمكانيات مادية لترميم حطام على مستوى البلد بأكمله والذي لا تقل تكاليفه عن مئات مليارات الدولارات.
شوكة إدلب
راهن رأس النظام السوري بشار الأسد وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على النصر النهائي على المعارضة السورية باجتياح محافظة إدلب تحت شعار «محاربة الإرهاب»، وقد قاما بعمليات دمار شامل لمناطق عدة في إدلب آخر معقل للمعارضة المدعومة من تركيا، لكن ردة فعل تركيا العسكرية بعد استهداف عدد من جنودها بتكبيد جيش النظام خسارة كبيرة في العتاد والأرواح، ثم عقد اتفاق مع موسكو بوقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة أنهى حلم الانتصار النهائي وأبقى على إدلب كشوكة في حلق النظام صعب عليه ابتلاعها.
تركيا من جانبها عززت قواتها في المنطقة كرسالة واضحة لدمشق وموسكو أنها جاهزة لخوض معركة حقيقية هذه المرة للحفاظ على وجودها كلاعب أساسي في المسألة السورية، وكضامن لعدم تدفق اللاجئين إلى أوروبا بعد أن فتحت الأبواب على مصراعيها أمامهم لاجتياز الحدود في موجة بشرية أثارت قلق العواصم الأوروبية التي بدأت تفكر مليا أنه لابد من إيجاد مخرج لمشكلة اللاجئين، ليس فقط في تركيا ولكن في لبنان والأردن، والدول الأخرى.
جرائم الكيميائي
ولا مخرج إلا بالعودة إلى ديارهم، والعودة إلى الديار لا يمكن أن تتم تحت ظل نظام الأسد.
ويأتي وباء كورونا ليزيد الطين بلة فيجعل منظمة الصحة العالمية تحذر من كارثة إنسانية كبيرة في سوريا بشكل عام وفي منطقة إدلب بشكل خاص بعد تدمير المشافي والمراكز الطبية من قبل الروس وجيش النظام، ووجود عشرات الآلاف من اللاجئين تحت الخيام أو دون مأوى وهم الأكثر عرضة للفيروس القاتل.
وأشارت أكثر من صحيفة أوروبية إلى أن النظام السوري لا يقدم بيانات صحيحة حول الوضع الصحي في البلاد، وأن انعكاسات الجائحة الكورونية على الاقتصاد السوري المنهار أصلا ستكون كارثية على مستويات عدة.
ويضع النظام برمته في موقف العاجز عن إنقاذ اقتصاد دمره بنفسه وباتت قيمة الليرة السورية أقل من قيمة بصلة مع التضخم المالي المفجع، ما ينذر بغضب الجوعى، وتصاعد الاحتجاجات.
في 8 نيسان- أبريل الحالي أصدر فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي حقق في الغارات التي استخدم فيها السلاح الكيميائي في سوريا يؤكد على أن النظام السوري شن ثلاث هجمات بالسلاح الكيميائي في 24 و25، و30 آذار- مارس 2017 قصف فيها مواقع في اللطامنة بقنابل إم 4000 محملة بالكلور السام، وغاز السارين، وهذا يعد انتهاكا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية إضافة إلى كونه جريمة ضد الإنسانية، وجريمة حرب. وبالطبع فإن سجل النظام الكيميائي يضم أكثر من جريمة اللطامنة، فقد سبقها جرائم عدة في غوطة دمشق، ودوما، وخان شيخون.
وبناء على هذا التقرير بات واضحا أن التعامل مع نظام الأسد بات يشكل وصمة تلوث بالكيميائي لكل من يحاول تعويمه.
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الأول- ديسمبر الماضي قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، وتمّ إطلاق تسمية «قانون قيصر» نسبة إلى المصوّر السابق في الجيش السوري الذي وثق بعشرات آلاف الصور التعذيب وقتل السجناء داخل سجون النظام.
ويسعى القانون إلى حرمان نظام الأسد من الموارد المالية التي يستخدمها من أجل تسعير حملة العنف والتدمير التي أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين، ويترتب عليه فرض عقوبات على النظام والمسؤولين عن هذه الفظائع الوحشية، ويرسل قانون قيصر إشارة واضحة مفادها أنه لا ينبغي لأي طرف خارجي الدخول في أعمال مع هذا النظام، أو أعمال تؤدي إلى إثرائه. يضاف إلى تقرير قيصر تحقيق نشرته «أمنستي انترناشيونال» صدر في شباط – فبراير 2017 يؤكد أن أكثر من 13 ألف معتقل تم إعدامهم شنقا في سجن صيدنايا الرهيب ما بين العام 2011 و2015 بعد تعرضهم لعمليات تعذيب وحشية ثم يتم دفنهم في مقابر جماعية، أو حرق جثثهم بكل بساطة.
وفي دعوة تلفت الانتباه لدريد الأسد والمقيم في سوريا يطلب فيها عودة أبيه رفعت الأسد ( المسؤول عن مجزرة حماة الرهيبة في العام 1982)
أسوأ أحواله
على صفحته الشخصية في فيسبوك يقول: «إذا كانت الفترة السابقة تستدعي وجود الدكتور رفعت الأسد في بلده وبين أهله فإن الفترة الحالية والخطرة جداً تستدعي وجوده أكثر وأكثر». مضيفاً «فالدكتور رفعت الأسد ضمانة وصمام أمان وقوة لا يُستهان بها أبداً لما تملكه هذه الشخصية السورية من إمكانيات وقدرة تحرك على جميع الأصعدة وفي شتى المجالات».
هذا الكلام لا يكتب جزافا من قبل ابن عم رئيس النظام إلا إذا كان بعلمه، وهذا دليل على أن النظام بات في أسوأ أحواله وبات عالة حتى على داعميه الأساسيين: روسيا وإيران وهو يبحث عن مدد من عصبة الأقرباء.
رياض معسعس
نقلا عن: القدس العربي