لعل آخر مظاهر الغضب التركي بات واضحاً وموجعاً في آن واحد للحليف الأميركي، بعد أن نشرت وكالة “الأناضول” التركية مالا يجب أن ينشر خوفاً على سلامة الجنود الأمريكيين والتي تشكل مواطنتهم خطاً أحمراً يصعب الاقتراب منه.
نشرت منذ أيام قليلة وكالة “الأناضول” التركية خرائط توضيحية تبين مواقع تمركز القوات الأمريكية والفرنسية في الشمال السوري، حيث تقدم الأخيرة الدعم للوحدات الكردية، وبحسب الأناضول “أن هناك 200 جندي أميركي و75 جندياً فرنسياً منتشرين في عشرة مواقع متقدمة شمال الرقة بثلاثين كيلو متر، ناهيك على أن من بينها مطاران.
ذاك بالطبع ما أغضب واشنطن من الخطوة التي رأت فيها نشراً لمعلومات سرية تعرض سلامة جنودها للخطر ولا يبدو في الوقت الراهن والمتأزم سياسياً أصلاً بين الحلفين الأميركي والتركي، بحاجة لمثل هذه الخطوة التي لن تزيد إلا الشقة أو ما يعرف باللهجة المحلية (يزيد الطين بلة) بين الحليفين اتساعاً.
أما عن مساعي واشنطن الأخيرة التي جاءت لتحديد العلاقات مع موسكو التي لا منازع لها ولا لإرادتها تقريباً على الساحة السورية، جاء قرار إدارة رجل البيت الأبيض “ترامب” وقف برنامج للمخابرات المعدّ لتسليح فصائل سورية معارضة وذاك من خلال تصريح مسؤولان أمريكيان خدمة كانت تلّح عليها روسيا حليفة الأسد.
على الرغم من أن ذاك الدعم لم يكن ليشهد جدوى أو بصمات ملحوظة منذ بدأ فيه الدعم الاستخباراتي عام 2013 في عهد الرئيس السابق لأمريكا “أوباما” إلا ان كان التفاؤل مطروحاً بعد توجيه ضربة عسكرية أمريكية يتيمة لنظام الأسد عهد “ترامب” عقب استخدام الأول للسلاح الكيماوي في مدينة خان الشيخون، مما أكد عدم اختلاف الخطوات بين الرئيسين إزاء الملف السوري.
ناهيك على ترجيح واشنطن التي كانت أول من أذاع الخبر أن يكون القرار اعترافاً ضمنياً لمحدودية كل من نفوذ واشنطن ورغبتها في إطاحة الأسد من السلطة، حيث تكمن الأولوية المطلقة لديها منذ سنوات عديدة هي قتال “تنظيم الدولة”.
ليظهر سؤال قوي يطرح بحد ذاته على الساحة السياسية وبين حلفاء الناتو، هل أمريكا بمسلكها المضطرب في هذا الاتجاه يزعج كثيراً حليفتها الأخرى تركيا؟
بالطبع تركيا دولة الثمانين مليون ترى في تلك الفصائل الكردية منظمات إرهابية وروافد لحزب الكردستاني المناوئ لأنقرة منذ عقود.
لا تنقطع على الدوام الانتقادات التركية للدعم الأمريكي المعلن لمقاتلي الأكراد في سوريا ولا تقدم واشنطن ردود واضحة على هذه الاتهامات التي تهدد الأتراك دوماً وتشكل خطراً على التحالف الوثيق بين الجانبين، فهل سنشهد مستقبلاً مزيداً من الانتقادات بين الطرفين، أم أن مع ظهور الواقع السياسي القوي لتركيا أمام دول الجوار نستطيع القول إنها مؤثرة في محيطها؟.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد