بقلم الكاتب محمد فخري جلبي
لطالما كان عبارات التهديد وعيارات الغضب هي اللغة الرسمية والأنشطة ( المافياتية ) التي يكاد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” يتقن القيام بها ، ليتمكن من خلق دوامة من المتاعب في بحر السياسية العالمي تعيق حركة السفن #الدبلوماسية وتمنعها من الأبحار نحو وجهتها دون التوقف في المحطات الأمريكية العائمة للتزود بمتطلبات الرحلة ودفع الرسوم .
كما إنه ما إن ألقى الرئيس ترمب خطابه التاريخي في #القمةالعربيةالإسلامية_الأميركية التي أنعقدت في الرياض في 21 مايو/أيار 2017 حتى أندلعت أزمة جديدة في الشرق الأوسط هي أزمة الخليج الراهنة ، وما أن بادر السمسار ” جيمس ماتيس ” وزير الدقاع الأمريكي بزيارة كوريا الجنوبية واليابان لطلب تكلفة بقاء شعوب تلك المنطقة خارج حدود دائرة الخطر الكوري الشمالي حتى أصابت شواطىء تلك الدول زلازل (ترامبية) خلفت تسونامي ضرب جرس قرب الحرب النووية الكبرى .
وضمن ذات السياق ، فقد تأججت التوترات بين الجانب الأمريكي والكوري الشمالي بسبب تقدم الأخيرة السريع فيما يبدو في تطوير أسلحة نووية وصواريخ قادرة على الوصول للبر الأمريكي الرئيسي ، ولكن برنامج كوريا الشمالي الصاروخي ليس بجديد العهد ولايعتبر قفزة مفاجئة أرعبت ساسة واشنطن !! حيث يشار إلى أنه في عالم 2015، أمر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بتكثيف الجهود لمواجهة القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية من خلال الهجمات الإلكترونية أو ما يعرف بـ”الحرب الإلكترونية” ونجحت تلك الخطة بأفشال عدة عمليات أطلاق للصواريخ في بلاد الفحم والنار ( كوريا الشمالية ) .
أذا مالجديد الأن ؟؟
وقبل الأجابة عن السؤال يتوجب علينا ذكر تصريحات ترامب في حملته الأنتخابية حول شبه الجزيرة الكورية ، وكان الرئيس دونالد ترامب قد أثار قلق الحلفاء الآسيويين حين قال خلال حملته إنه ينوي سحب الجنود الأميركيين من جنوب شبه الجزيرة الكورية واليابان في حال لم يبادر البلدان إلى زيادة مساهمتهما المالية .
وتعقيبا على تلميحات ترامب بسحب جنوده من تلك المنطقة المشتعلة ومرورا بالأنتكاسات الداخلية التي تلاحق ترامب من خلال التسريحات والتعيينات المفاجئة في المناصب الحساسة في البيت الأبيض و ربطا مع أقتراب أكتمال لائحة الأتهامات الموجهة ضد ترامب وجهازه الأداري بحقيقة التخابر مع المعسكر الروسي خلال فترة الأنتخابات الرئاسية الأمريكية ، يتضح لنا ماهية مشكلة #كوريا_الشمالية والأسباب الحقيقية وراء تضخيمها إلى هذه الدرجة وفي هذا التوقيت بالذات !!
أولا : تعميم الضوضاء !!
ويكمن السبب الحقيقي خلف تضخيم فقاعة معضلة شبه الجزيرة الكورية بعد سلسلة حيل من العقوبات والضغوط وأجماع حلفاء كوريا الشمالية ( الصين وروسيا ) على ضرورة معاقبة ( بيونغ يانغ ) ، هي عملية تجديف ضد التيار من قبل ترامب وحاشيته المقربة من أجل التعتيم على مجريات التحقيق ونتائجه حول العلاقة بين ترامب وروسيا . وبعبارة أخرى فأن ترامب يسارع الخطى للأمام للهرب من “روبرت مولر ” المحقق المكلف بقضية تخابر ترامب وفريقه مع روسيا خلال حملة أنتخاباته الرئاسية ، وبالأخص أن تطرقنا إلى حديث نائب وزير العدل الأمريكي “رود روزينشتاين” وعزمه على عدم الانصياع لرغبة ترامب بعزل المحقق المكلف بتلك تلقضية الحساسة في حال طلب الأخير ذلك .
فقد صرح نائب وزير العدل الأمريكي بأنه أذا صدرت أي أوامر من الرئيس ترامب بهذا الصدد ، فلن أنصاع إليه إلا إذا تيقنت من صوابه ، تعيين مولر كان بقرار مني، وأنا متمسك بموقفي وبنزاهة التحقيق في هذه القضية”.
ثانيا : أبتزاز الدول الخائفة !!
وإلى ذلك ، فأن الضجة الأعلامية الأمريكية المتزايدة حول أقتراب ساعة الصفر لنشوب حرب عالمية جديدة تكون بوابتها “بيونغ يانغ” عاصمة كوريا الشمالية ، وتناغم بقية محطات الأعلام العالمية مع ثورة البركان الأمريكي ضد الفتى المتهور ( كيم جونغ أون ) ، ماهي إلا حملة أعلامية مدروسة والهدف منها أصطياد المصالح في ماء الأزمات العكر !!
فرجل المال العجوز ( ترامب ) وعقب دورانه الخلفي من منطقة الشرق الأوسط بعد أفراغ خزائن تلك الدول في أرصدة شركات السلاح والتكنولوجيا الأمريكية (المرتبطة بشكل وثيق بنتائج الأنتخابات الأمريكية على مختلف الأصعدة بما يتوافق مع دوران عجلة مصالحها حيث ينبغي دعم الرجل المناسب للمكان المناسب !!) قام العجوز بأطلاق صافرة البدء لتحرك مركبة (المافيا الأمريكية ) أو السياسة الأمريكية (حيث يصح اللقبان )نحو شبه الجزيرة الكورية من أجل أفراغ محتويات خزائن الدول المجاورة لكوريا الشمالية لقاء حمايتها من المجنون الكوري الشمالي ؟؟
ويمكن الأستشهاد هنا بصحة هذه الرؤية من خلال رفض كوريا الجنوبية دفع تكاليف تشغيل وصيانة منظومة ” ثاد ” الأمريكية المضادة للصواريخ .
حيث أكدت وزارة الدفاع في كورية الجنوبية في شهر أبريل هذا العام ، أن أمريكا هي من ستتحمل تكلفة نظام “ثاد” للدفاع الصاروخية وذلك ردا على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقال فيها إنه يريد أن تتحمل سيئول تكلفة نظام ثاد الموجود على أراضيها .
كما لم تغادر مشكلة كوريا الشمالية ساحة اليؤر العالمية المهددة بالأنفجار مطلقا كما يزعم البعض ، بل تم تنحية الملف الساخن مؤقتا لحين الطلب . فواشنطن الغاضبة في هذه الأوقات من تصرفات تلفتى الأخرق ” كيم جونغ أون ” لم يشغلها ملف كوريا الشمالية على الأطلاق ولم يكن يوما ما على طاولة الرد الأمريكي السريع . ونذكر تصريحات دونالد ترامب عقب أجراء كوريا الشمالية باطلاق صواريخ (بالستية ) حيث غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه “سيتشرف” بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون في الظروف المناسبة .
وقال لمؤسسة بلومبرغ الاخبارية “إذا كان مناسبا لي أن التقيه، سأفعل بالتأكيد، وسيشرفني فعل ذلك” ، بالأضافة إلى فضيحة مكان تواجد حاملة الطائرات الأمريكية
“كارل فينسون” في عمق الأوقات الحرجة من الصراع في تلك المنطقة !! وسبق للرئيس الأمريكي وأعلن أنه قد أرسل “جيشا عرمرما” إلى سواحل كوريا تتقدمه مجموعة من السفن الضاربة والغواصات بقيادة حاملة “كارل فينسون” .
وفي تعليق على التضارب بين ما صرح به ترامب والواقع، كشف مسؤول رفيع في البيت الأبيض لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن البيت الأبيض تلقى بيانات غير دقيقة من البنتاغون حول مكان “كارل فينسون” !!
وبعيدا عن الضوضاء المفيدة لواشنطن ، ولكشف نوايا واشنطن ضمن هذا الملف ، فقد أعرب ترامب غي وقت سابق عن أمله بالتسوية في شبه الجزيرة الكورية، حيث قال في تصريح بهذا الصدد: آمل في أن يكون /الزعيم الكوري الشمالي/ مريدا للسلام، الذي نحن متمسكون به كذلك بما يضمن التسوية النهائية، ونحن في أنتظار ما سيحدث .
وأضاف: بحوزته ( كيم جونغ أون ) سلاح نووي وعلينا معالجة هذا الأمر. القلق واجب على الدوام، حيث لا يمكننا التكهن بتصرفات من نتعامل معهم .
التلويح بالعصا ؟؟
ومما لاشك به ، فأن واشنطن تبرع بالتلويح بالعصا دون أستخدامها عبر أطلاق تصريحات وقرارات تفوق نغمها ، حيث يعتبر الأعلام في عصرنا الحالي سلاحا قويا وفعالا أكثر من السفن والدبابات ، وواشنطن لاترمي شباكها إلا بغية تحقيق مصالحها وترامب خير من رمى بالشباك الأمريكية !!
ومن هذا المنطلق ومع مرور الوقت تمكنت واشنطن من جعل دول العالم تتخبط في تحليلاتها وتصاب بالشلل بعد قيام البيت الأبيض بنشر بعض التغريدات أو بتحريك بعض القطع العسكرية وفق منظومة ( شيطانية ) من التشكيك حول نوايا شرطي العالم ، وبعد أسقاط الضوء نحو سياسة واشنطن الخارجية يمكننا بسهولة فهم النقاط التالية ..
حيث كان ترمب قد فاجأ العالم هذا الأسبوع بتوجيه رسالة جريئة إلى كيم جونغ-أون، توعده فيها بأن بلاده قد “تواجه النار والغضب بشكل لم يعرفه العالم من قبل”. ولاحقا أعلنت بيونغ يانغ أنها تبحث توجيه ضربة صاروخية قرب قاعدة أميركية في جزيرة غوام في #المحيط_الهادي ، لكن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون استخدم نبرة مختلفة بحسب فرانس برس ، وشدد خلال عودته إلى الولايات المتحدة من جولة في جنوب شرق آسيا على أنه لا يعتقد “أن هناك تهديدا وشيكاً” من كوريا الشمالية !!
ومابين أتساع أشواط التضارب بين تصريحات ترامب ووزير خارجيته ” تيلرسون ” تقوم هيذر نويرت المتحدثة بأسم الخارجية الأمريكية بأجراء عملية جراحية عاجلة لتلافي الأخطار الناتجة عن تخبط المؤسسة الأمريكية وبالأخص بعد تفشي حالة من الهذيان والشيزوفيرنيا أروقة السياسة الأمريكية تجاه الأزمة الخليجية وعدم تلاقي التصريحات الأمريكية حول تلك الأزمة .
فقد أكدت المتحدثة بأسم الخارجية الأميركية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تتحدث بصوت موحد حول #كوريا_الشمالية، مقللة من أهمية التباين في التصريحات بين الرئيس دونالد #ترمب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون !!
ويجدر التنويه هنا ، بأن تباين التصريحات الأمريكية حول القضايا الحساسة ليس مجرد خطأ غير مقصود أو شرخ بين القيادات الأمريكية ، بل على العكس فواشنطن تسعى من خلال تلك التناقضات بأدخال دول العالم مستنقع الفوضى والشلل السياسي .
وتكملة لهذا الطرح ولكشف الخطة الأمريكية ( الشياطنية ) بالتحكم بتفاصيل الأحداث العالمية !!
فقد أثارت التهديدات المتبادلة بين واشنطن وبيونغ يانغ قلقا دوليا من أن تتطور التوترات الراهنة إلى مواجهة عسكرية قد تستخدم فيها الأسلحة النووية، وتجلى القلق الدولي في دعوات صدرت من روسيا و فرنسا و الصين وغيرها إلى تجنب تصعيد أكبر، كما عبر عن هذا القلق مندوبو عدة دول في مجلس الأمن الدولي .
وعلى أيقاع رقص العصا الأمريكية تنتاب شعوب العالم حالة من الذعر والخوف المرضي حول نية واشنطن بتنفيذ وعودها ، وكان تلك الشعوب مازالت مغيبة عن الواقع ولاتدرك مثالب وخداع السياسة الأمريكية عبر التاريخ ، ويتم ذلك بأرادة تلك الشعوب أو من خلال رغبة أنظمتها الحاكمة الخاضعة للسطوة الأمريكية .
وأخيرا ، فقد نجح ترامب ومن خلفه بتطويع السياسة الصينية بما يتوافق مع مصالح واشنطن البعيدة ، وذلك عبر أستخدام سحر ورقة ” بوتين ” الحليف الأستراتيجي لبكين والصديق الحميم لترامب وتجلى ذلك من عدم قيام بكين بأستخدام حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الأمن الدولي كما جرت العادة وذلك عندما أقر عقوبات جديدة على كوريا الشمالية يوم السبت هذا الأسبوع .
فالرئيس الأمريكي يسعى أيضا إلى تحويل الصين إلى حليف ليس في كوريا الشمالية فحسب، وإنما في التجارة العالمية أيضا، بشرط أن تتوقف الصين على تصور نفسها قوة صاعدة تنافس القوة العالمية الأولى وهي الولايات المتحدة ، وسيكون له ماأراد .
عزيزي القارىء ، يجب توخي الحذر لعدم الأنزلاق خلف التحليلات الخشبية والتصريحات العقيمة لبعض الأعلاميين العرب بقرب زوال الولايات المتحدة وسطوع النجم الروسي ودنو أجل أستيقاظ التنين الصيني وألتهامه الجميع ، فالجميع أتفق و وقع وأنتهى الأمر !!
والمصيبة الكبرى أن كنت تعتقد بأن سياسات الدول الكبرى ناجمة عن قرارات فردية أو عبثية وبأنه لايوجد خلف الكواليس من يحرك الدمى ، والمقصود هنا اللوبي الصهيوني المنبثق عن متصة الماسونية العالمية والتي تحتضن تحت أجنحتها كافة دول العالم وتمارس لعبة الأمم بعيدا عن الأنظار و الأتهامات والمحاسبة .