يحتفل الإيرانيون سنويا مع قدوم فصل الربيع بعيد النوروز ورأس السنة الجديدة، وفقا للتقويم الهجري الشمسي، الذي يعتبر التقويم الأكثر قدما ودقة في العالم، حيث اتخذ من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مبدأ له، بالاعتماد على دوران الأرض حول الشمس.
بداية وقبل الميلاد وظهور الإسلام، اتبع الإيرانيون تقويم أوستايي، وهو تقويم شمسي منبثق عن (الديانة الزرادشتية)، وصولا إلى الإسلام واتباع التقويم الهجري القمري. وفي عام 471 هجري اتبعت إيران التقويم الشمسي مجددا في فترة حكم السلاجقة.
التقويم الجلالي
وقد أمر سلطان السلاجقة جلال الدولة ملك شاه، غياث الدين عمر بن إبراهيم خيّام النيسابوري وبعض العلماء في مرصد أصفهان، باتباع التقويم الجديد لعدم دقة التقويم الهجري القمري من الناحية الإدارية. وأنشأ العلماء التقويم الشمسي الجديد أو كما يسمى بالتقويم الجلالي، نسبة للملك جلال الدولة ملك شاه.
أما التقويم الهجري الشمسي المعتمد حاليا فـهو نفسه التقويم الجلالي، ولكن مع تغيير في مبدأ التقويم من سنة تتويج الملك السلجوقي جلال الدولة، إلى مبدأ هجرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. وقد غير مبدأ التقويم على يد عبد الغفار نجم الدولة أستاذ دار الفنون في عهد ناصر الدين شاه القاجاري منذ 135 سنة تقريبا.
ويقول أمير حسن زاده الاختصاصي في مركز التقويم والجيوفيزياء بجامعة طهران في حديثه للجزيرة نت إن السنة الشمسية تبدأ في اعتدال ربيعي مع البداية الأولى من برج الحمل (فَروَردين بالفارسية) ومعدل طول السنة الهجرية الشمسية هو 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و97.45 ثانية.
السنوات الكبيسة
وقال حسن زاده إنه يضاف يوم إلى السنة كل أربعة سنوات وتعرف بالسنة الكبيسة (بسبب 5 ساعات و48 دقيقة إضافية في كل سنة) وتحسب السنة الكبيسة أحيانا بعد 5 سنوات (لعدم اكتمال الساعات الإضافية إلى 6 ساعات أي ربع يوم) مما يزيد دقة التقويم الهجري الشمسي مقارنة بأي تقويم آخر. فمثلا هناك خطأ ليوم واحد في التقويم الميلادي يحصل كل 3300 سنة، الأمر الذي لا يحدث في التقويم الهجري الشمسي.
أسماء الملائكة
وأشار أيضا بأن تسمية أشهر التقويم الهجري الشمسي في إيران تعتمد على أسماء الإله والملائكة الزرادشتية مثل فَروَردين وأرديبِهِشت وخُرداد. بينما اعتمد في تسمية الأشهر في أفغانستان على الأبراج مثل الحمل والثور والجوزاء والحوت.
واعتُمد التقويم الهجري الشمسي رسميا في إيران وأفغانستان، ويعتبر التقويم الثاني في طاجيكستان وعند الأكراد. كما تعتمده المملكة العربية السعودية أيضا لدفع رواتب موظفيها.
وعدد الأيام في الأشهر الستة الأولى من التقويم الهجري الشمسي هو 31 يوما، بينما عدد الأيام في النصف الثاني من السنة 30 يوما عدا الشهر الأخير، فهو بالأصل 29 يوما في السنوات العادية و30 يوم في السنوات الكبيسة.
كما تعتبر السنة الهجرية الشمسية أطول من الهجرية القمرية بعشرة أيام أو 11 يوما تقريبا في كل سنة، حيث تساوي كل 100 سنة هجرية شمسية 103 سنوات هجرية قمرية.
دقة التقويم
يعتقد علي أكبر نيري، الاختصاصي في مركز التقويم والجيوفيزياء بجامعة طهران أن دقة التقويم الهجري الشمسي تعود لمطابقة لحظة تحويل السنة الجديدة في كل عام مع أول يوم من فصل الربيع، لذا يعتبر من أدق التقاويم في العالم.
فمثلا في رأس السنة الهجرية الشمسية تتحول السنة الجديدة في لحظة عبور الشمس على مدارها الربيعي في السنة الجديدة، ويحتفل الجميع في كافة أنحاء العالم في الساعة والدقيقة والثانية نفسها. ولكن في رأس السنة الميلادية، تتحول السنة الجديدة في الساعة 24:00 حسب ساعة كل دولة.
ويبدأ رأس السنة الهجرية الشمسية دائما بأول فصل الربيع من كل سنة، مما يدل على بداية الحياة وولادة جديدة.
ويحتفل الإيرانيون بعيد النوروز (أي يوم جديد) مع بداية كل سنة، كما يبدأ العام الهجري الشمسي الجديد في هذا العام في الساعة السابعة و19 دقيقة و37 ثانية من صباح يوم الجمعة 20 مارس/آذار، وهو عام 1399 هجري شمسي.
نقلا عن الجزيرة