لم يشهد العالم قذارة وانحطاطًا في مستواه الأخلاقي كما هو عليه اليوم في سورية، فمنذ ست سنوات والسوريون يناشدون ويستصرخون ضمير العالم الحر المتمدن لوقف قتلهم وتهجيرهم وتدمير بيوتهم ونسف البنى التحتية والمرافق العامة والممتلكات الخاصة ولكن لا حياة لمن تنادي.
ألا يعرف هذا العالم الفاجر أن شوارع سورية تغص بالجرحى والشهداء من كل الفئات العمرية ؟ ألم ير هذا العالم آلاف الأطفال وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وهم موتى في رحلة هدوء إلى الدار الآخرة بعد عناء مرير من حياة كان عنوانها الأبرز الخوف والمرض والجوع ؟. ألم يطرق مسامع هذا العالم – الحر المتمدن – صرخات المعتقلين والمعتقلات وضحكات السجانين وقهقهاتهم على آلام وأوجاع المسجونين؟ أين هذا العالم من آلاف المغيبين قسرياً عن ذويهم وخلانهم؟! أين هذا العالم الذي يتبجح كل يوم بانخفاض مستوى الجريمة في بلده ويتباهى بإغلاق سجن تلو الأخر بينما ينظر بصمت إلى أكبر جريمة في تاريخ الإنسانية تُرتكب على الأراضي السورية (بلد يدمر وشعب يهجر).
أين هذا العالم من رقص الكلاب على أجساد الأسود ؟ لو احترم هذا العالم نفسه لكفاه تسريب واحد لفيديو يظهر فيه أزلام النظام ومليشيات الأسد وعصابته وهم يرقصون على أجساد أبناء هذا الوطن الجريح من مختلف طوائفه، ويتباهى إعلاميّو هذا النظام الفاجر بأخذ الصور التذكارية مع جثامين الشهداء ولم ينطق العالم ببنت شفة، يا ترى هل هذا ما يسميه الغرب بحرية الصحافة وحرية الفكر والاعتقاد!! أم أن الدنيا تقوم وتقعد لو كان هذا العمل في بقعة غير البقعة السورية !!أإإلى هذا الحد الدم السوري رخيص؟؟ وأين وأين وأين في الحقيقة هناك مئات إن لم نقل آلاف الأسئلة تحتاج إلى إجابات وتختلج في صدور السوريين ولكن الإجابة لا يعرفها إلا الله والراسخون في السياسة.
من المضحك المبكي أن يتحدث الغرب وممثلو المنظمات الإنسانية عن التعنيف الأسري والاعتداء على القاصرات والتحرش الجنسي ويرسلون المنظمات إلى سورية تحت مسميات مختلفة (الدعم النفسي) وهم في الحقيقة يتجاهلون أسّ المشكلة وأساسها . فتلك المنظمات التي تدّعي الإنسانية ويُعرِّض أفرادها أنفسهم للخطر من أجل ماذا؟! هل حقيقة هم يقدمون دعماً نفسياً لأطفالنا؟! أطفالنا أيها السادة عندما تأتي الطائرات لقصفهم يصعدون على أسطح المنازل ليراقبوها أين تُنْزل حممها هل هذه الصورة بحاجة إلى دعم نفسي أم إلى دعم حقيقي بوقف قتلهم وحمايتهم؟؟!
فتلك المنظمة التي تسمي نفسها – منظمة الأمم المتحدة – وتدعي أنها أنشئت لحماية الناس وما تبرح تستجدي الدول لجلب مئات المليارات لإنفاقها على مشاريع جلّها فاشلة كان الأحرى بها أن تستخدم سلطاتها الممنوحة لها بحسب القانون وتوقف نزيف الدم الإنساني بكل أنحاء العالم ولكن والحال ليس كما نتوقع فهذه المنظمة التي تحولت بقدرة قادر من حامية للمظلوم إلى راعية للإرهاب والمنظمات الإرهابية وخير ما يدلل به على ذالك غض طرفها عن المليشيات الطائفية الشيعية التي تقاتل في سورية ولكن لما العتب ولسان حال هذه المنظمات يقول (ليس باليد حيلة).
فرقص الغرب على آلامنا وأوجاعنا لا يؤلمنا ولكن رقص ذوي القربى أشد على النفس من وقع الحسام المهند. ماذا فعل أشقاؤنا العرب لمنع نزيف الدم السوري؟ هل نُفذت مبادرة من مبادراتهم؟ هل وقفوا وقفة رجل واحد تُجاه ما يجري بسورية ؟أين قوتكم التي تتباهون بها؟ أم أنها أضغاث أحلام !! أم حبكم لكراسيكم أكثر من حبك لإخوتكم العرب وخوفكم على دمائهم يا ترى هل أنتم قادرون على حماية أنفسكم ومناصبكم وكراسيكم؟ إذا لم تقدموا الخير فلن تحصدوا إلا الشر أما وقد عرف العالم جبن ونفاق الحكام العرب وتنصلهم من القضايا التي تختص المسلمين واهتمامهم بالقضايا التي تهم الغرب كنوع من أنواع مسح الجوخ.
ومن ثم أين المليار ونصف المليار مسلم أين هم من تراثهم الإسلامي .المسلمون كالجسد الواحد أم هم على مبدأ حواليّ ولا عليّ نعم حقيقة نحن المسلمين أشد ما نكون ضعفاً في هذه الأيام فنحن قد صدق علينا قول نبينا (بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل). لذالك لن نلوم أحدًا ولن نعتب على أحد وسندع التاريخ يقول حكمه فيهم فالتاريخ لا ينسى ولا يتناسى أحد.
يموت آلاف البشر وتهدم البيوت ويهجّر البشر بعوامل مختلفة سواء أكانت عوامل طبيعة كالفيضانات والبراكين أو عوامل بشرية كالحروب والصراعات والنزاعات، إلى أن الأرض تبقى والحقيقة أن كل شيء في هذه الدنيا يتغير ويتبدل بتغير وتبدل الظروف المحيطة إلى أن الأرض باقية وإن تغير البشر فهذا ما نسميه سنة الاستبدال وسورية باقية حتى يرث الله الأرض ومن عليها وإن أصابها بعض الظلم والضيم.
محمد عمر زيدان – خاص ترك برس