بعيدا عن الموقف السياسي الجديد الذي تبنته الحكومة التركية من السياسة الخارجية المتعلقة بإعطاء إشارات للنظام السوري تعبر عن نيتها لفتح صفحة جديدة معه والاستمرار في سياسة استدارة الظهر للمعارضة السورية, بعيدا عن كل هذه المواقف, يقف اللاجئ السوري الذي يعيش داخل الأراضي التركية حائرا, ولسان حاله يقول: “تصريحات تصدر من قيادات تركية على رأسها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بشأني, والظاهر منها الإيجابي فقط, قريبا سأحصل على حلمي بنيل الجنسية التركية لكي أتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها الأتراك, وأقوم بكل الواجبات التي يقومون بها, هذا أمر جيد ولكنني لا أشعر بالراحة جرّاء النظرة الجديدة التي يراني بها كثير من الاتراك بعينهم, ففي السابق كنت لاجئا بنظرهم, أما اليوم فأنا أشعر أنهم ينظرون لي بمنظور المحتل!”.
قرارات متسارعة بدأت بإعلان خطة التجنيس, وانتهت بإعلان خطة الإسكان, وما بين هذا وذاك تصدر أصوات تركية متعالية بالرفض حتى لوجود السوري كلاجئ في خيمة صغيرة.
ومن أجل إنهاء ظاهرة المخيمات في تركية, بدأت الحكومة التركية تتحدث عن إعدادها خططا جديدة لإيجاد مساكن للسوريين بدلا عن المخيمات, وبالتأكيد فإن هذه الخطة جاءت استكمالا للخطة السابقة بتجنيس أكثر من 300 ألف سوري في تركيا.
المشكلة ليست هنا, إنما المشكلة تتجلى بالتصريحات التي تصدر هنا وهناك دونما إيضاح كافٍ للترتيبات والإجراءات اللازمة للتنفيذ, ولا يلبث الشارع التركي أن يمتص عاصفة الجدل الناتجة جراء صدمة قرار الحكومة الأول حتى يعود لخلق عاصفة جدل جديدة من قرار الحكومة الثاني, وهذا ما حدث تحديدا في اليومين السابقين بعد إعلان خطة تأمين مساكن للسوريين, وانقسم الشارع التركي بين مؤيد ومعارض, ما استدعى خروج رئيس مؤسسة الإسكان التركية “”TOKİ السيد “أرغون طوران” عن صمته للإيضاح, حيث نفى نبأ توزيع منازل مجانية على السوريين, ولكنه أكد إمكانية إعطاء شقق فارغة بطريقة الدين, إضافة لتسهيلات من أجل حصول السوريين الذين سيتم “تجنيسهم” لاحقا على شقق سكنية ملائمة لشروط العيش ولكن بالتقسيط.
ويأتي تصريح طوران بعد موجة من الغضب الشعبي اجتاحت أوساط عديدة من الشارع التركي, إثر تصريحات أطلقها رئيس الجمهورية “رجب طيب أردوغان” ولمّح بها إلى إمكانية منح السوريين منازل من البيوت الشاغرة لدى “مؤسسة الإسكان”.
والجدير بالذكر أن عاصفة الغضب التي اجتاحت الشارع التركي, جاءت عقب تناقل الأتراك الخبر بشكل سريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي, مفاده أن السوريين سيحصلون على منازل بالمجان, في الوقت الذي يعاني عدد كبير من الأتراك من أزمة تأمين البيوت وارتفاع أسعار الآجارات, ونجح الإعلام التركي بالترويج لفكرة منح بيوت مجانية للسويين, بعد قيامه باجتزاء جزء من تصريحات “أردوغان”, الذي ينص على إمكانية منحهم بيوتا بالتقسيط وليس بالمجان, وقد لعب الإعلام المعارض بتركيا دورا كبيرا في نشر هذه الشائعة التي أحدثت موجة الغضب المذكورة, الذي يتبنى لحد كبير سياسة الترويج لأفكار محرضة ضد السوريين.
وبغض النظر عن إيجابيات القرارات التركية, يبقى اللاجئ السوري يشعر بالحذر, لأنه بات يدرك تماما أنه الشماعة التي تعلق بها المعارضة أخطاء الحزب الحاكم من جهة, ومن الجهة الأخرى هو الأداة التي تبني عليها الحكومة أملا قويا بتعزيز سلطتها.
المركز الصحفي السوري – فادي أبو الجود