كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في لقاء متلفز الجمعة، عن شرط موسكو لتنفيذ الاتفاق الروسي الأمريكي حول سوريا الذي أكد أنه مازال ساري المفعول شريطة عدم المماطلة في الفصل بين المعارضة والتنظيمات المسلحة الأخرى.
وأكد وزير الخارجية في حوار أجرته معه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أنه إذا وفت الولايات المتحدة بالتزاماتها فعلا، فإن روسيا ستصر على وقف الأعمال القتالية فورا لتشمل الهدنة الجميع باستثناء تنظيمي “النصرة” و”الدولة”.
وأشار لافروف إلى أنه سيجري مكالمة جديدة مع كيري بطلب من وزارة الخارجية الأمريكية.
رحيل الأسد لم يكن شرطا
وشدد وزير الخارجية الروسي على أن رحيل الأسد لم يكن شرطا في أي اتفاق، وقال في هذا الصدد: “لقد بذلنا كل ما في وسعنا منذ الاتفاق الأول حول سوريا الذي حمل اسم “بيان جنيف” الصادر في حزيران/ يونيو 2012، بما يخدم إطلاق التعاون بين الحكومة السورية والمجتمع الدولي، ووقعت دمشق على هذه الوثيقة بعد بضعة أيام فقط على صدورها، فيما لم تتبنها المعارضة إلا بعد أكثر من عام على صدورها، مشترطة لذلك رحيل الأسد”.
لا يمكن نقل المساعدات
وعلى صعيد الوضع الإنساني في حلب، وسبل إيصال المساعدات لمحتاجيها هناك، أكد الوزير الروسي استحالة استخدام طريق الكاستيلو لعبور قوافل الإغاثة، بعد أن هددت المعارضة هناك باستهداف هذه القوافل بإطلاق النار عليها.
وذكّر لافروف بأن الجيش السوري أقام نقاط تفتيش على طريق الكاستيلو تنفيذا للاتفاق الروسي الأمريكي، وكان على المعارضة السورية أن تتخذ الإجراءات نفسها في الجزء الخاضع لسيطرتها من الطريق، لكنها لم تف بهذا الالتزام.
وبصدد الهجوم الغامض الذي تعرضت له قافلة المساعدات في حلب في الـ19 من أيلول/ سبتمبر، طالب لافروف بإجراء أدق التحقيقات على هذا الصعيد، وإبراز الأدلة الدامغة قبل اتهام الطيران الروسي جزافا.
وأكد لافروف أن الجيش الروسي يتخذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة للحيلولة دون وقوع المدنيين في مرمى نيرانه. وأضاف: “نتخذ أشد الإجراءات صرامة بما يمنع استهداف السكان. وإذا حصل ذلك فعلا، فنحن نأسف للغاية، فيما يجب إجراء التحقيق أولا قبل إصدار الاتهامات”.
التهديدات الأمريكية مرفوضة
وفي التعليق على تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكي جون كيربي الذي حذر موسكو من تعاظم خسائرها وتعرض مصالحها للخطر وأراضيها للإرهاب، إذا ما استمرت في عمليتها في سوريا، قال لافروف: “لقد حذروا من أن روسيا ستفقد الطائرات وتخسر الجنود، وستصبح مدنها عرضة للهجمات المسلحة. كان ذلك تهديدا لا يمكننا القبول به، أو ربما فيه إشارة لأولئك الذين يريدون شن تلك الهجمات كي يبدؤوا بتنفيذها”.
ورفض وزير الخارجية الروسي التعليق على تصريح مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، التي اعتبرت هي الأخرى العمليات العسكرية الروسية في سوريا “أعمالا همجية” لا تندرج في إطار مكافحة الإرهاب.
أمريكا تحمي “جبهة النصرة”
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الولايات المتحدة بحماية مجموعة جهادية (جبهة النصرة) بسوريا، في سعيها للإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد.
كما اتهم لافروف في الحوار ذاته مع القناة البريطانية، واشنطن بنقض وعودها بشأن فصل جبهة “فتح الشام” والمجموعات الأخرى التي وصفها بـ”المتطرفة”، عن المجموعات “المعتدلة” التي تدعمها أمريكا.
وأضاف أنهم “لا يزالون (الطرف الأمريكي) غير قادرين، أو غير راغبين، بالقيام بذلك.. هم لم يقوموا باستهداف النصرة أبداً في أي موقع في سوريا”.
ودافع لافروف عن القصف الروسي لحلب (شمال)، إلى جانب النظام السوري، وقال بأن “روسيا تساعد الأسد في حربه على الإرهاب”، منتقدا صمت الغرب إزاء “معاناة المدنيين في حلب (يقصد الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام)، التي كانت على وشك أن تقع في قبضة المتمردين، بعد أن قامت جبهة النصرة بقطع طرق الإمداد عنها”.
وعن سؤال حول سقوط ضحايا من المدنيين جراء القصف الروسي في سوريا، أجاب لافروف قائلا: “إن كان ذلك قد حصل فنحن متأسفون جدا”، مشددا على ضرورة وجود تحقيق، حيث “ما من دليل ذي معنى.. نحن لا نستخدم أي أسلحة تحرّمها الأمم المتحدة”.
ومنذ إعلان النظام السوري انتهاء الهدنة في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري، تشن قواته ومقاتلات روسية، حملة جوية عنيفة متواصلة على أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، تسببت بمقتل وإصابة مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بعد وقف هش لإطلاق النار لم يصمد لأكثر من سبعة أيام.
وتعاني أحياء حلب الشرقية، الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، حصارا بريا من قبل قوات النظام السوري ومليشياته بدعم جوي روسي، منذ أكثر من 20 يوما، وسط شح حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية؛ ما يهدد حياة نحو 300 ألف مدني موجودين فيها.
ترك برس