الاعتقاد بأن الهم الوحيد للمحكمة الأمريكية هو كشف ما إذا كانت البنوك التركية خرقت العقوبات المفروضة على إيران، سذاجة بقدر التفكير أن العمليات الأمنية في 17 و25 ديسمبر بتركيا كانت غايتها فقط كشف الرشاوي والفساد.
انتهكت البنوك الفرنسية في الماضي العقوبات المفروضة على إيران، وكذلك فعلت البنوك الألمانية، وحتى البنوك الأمريكية نفسها.
فهل سمعتم عن اسم رجل دولة فرنسي أو ألماني أو أمريكي في القضية؟ هل رأيتم هناك مطالب مطروحة أو مذنبون معترفون بما ارتكبوه؟
كشفت الولايات المتحدة عن منتهكي العقوبات، وفرضت عليهم الغرامات. وأخذت الأموال، وانتهت القضية.
فهلا نظرتم إلى القضية المتعلقة بتركيا؟
أصبحت شبيهة بمسلسل برازيلي من 500 حلقة..
الرجل الذي كان متهمًا أصبح شاهدا. والرجل الذي كان يقول “من أين تلفقون الأخبار عن هذه الأموال، وهل من الممكن دفع رشوة بهذا القدر؟”، خرج ليقول في أول جلسة للمحكمة “دفعت لوزير واحد فقط رشوة تتراوح ما بين 45 و50 مليون يورو”.
ولا أحد يعلم ماذا ستحمل الحلقات القادمة من المسلسل..
أرجو أن لا يُساء فهمي، فالمدعو رضا زرّاب لا شك عندي أنه شخصية قادرة على القيام بكل أنواع الخداع والدسائس من أجل مصلحته.
ولا أعترض أبدًا على مساءلة ومحاسبة من استفاد من شبكة رشاوي زرّاب سواء أكانوا وزراء أم موظفين رفيعين.
لكن لا أقبل أبدًا أن يستغبينا أحد.
فالأمور واضحة تمامًا، بدءًا من قصة القبض على السيد رضا في الولايات المتحدة حتى مغامرته السريعة في التحول من مذنب إلى شاهد، وحضوره الجلسة الأولى وهو مكبل القدمين بالقيود، ليأتي في الجلسة الثانية بالبنطال والجاكيت، ثم إفادته التي أدلى بها بـ”عناية” وتصرفاته وحركاته..
لنتكلم بصراحة في هذه الحالة: الولايات المتحدة تعمل بنفسها على إنجاز “المناقصة” التي عهدت بها إلى تنظيم غولن في 17 و25 ديسمبر 2013.
الجريمة موضوع الدعوى هي خرق العقوبات المفروضة على إيران..
العقوبة هي غرامة مالية على البنوك المنتهكة للعقوبات..
لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لديها “مسألة” مع تركيا أكبر بكثير من خرق الحصار المفروض على إيران.
وما هي هذه المسألة؟
هل هي انتفاض تركيا في وجه أمريكا في جيمع المجالات بدءًا من الأزمة السورية وحتى الطاقة والصناعة الدفاعية، وتوجهها إلى روسيا؟
لست أدري..
لكن ما أعرفه هو أن السؤال الوحيد الذي تبحث الدعوى في المحكمة الأمريكية عنه ليس “هل خرق الأتراك العقوبات المفروضة على إيران أم لا؟”.
ترك برس