لم يعد الأمر مخيفا” أو مرعبا” ، أن تمتلك في بيتك بعض الآثار ، أو القطع القيمة التي تحلم أن تقتنيها أعظم المتاحف العالمية وتدفع لمن يهربها لها آلاف الدولارات .
كما…. كان !
في قديم الزمان ! عندما كانت التهمة الاقتصادية أخطر بكثير من التهمة السياسية .
و أمن الآثار من أمن الدولة ، وأن تهرب قطعة أثرية أخطر من أن تهرب طن من المخدرات ،
وقطعة حجرية بحجم الكف تكتشف في عقار ، كفيلة بأن تضع الحكومة يدها عليه مع الجوار ، وتحرم قدم صاحبه أن تطأها لعقود وأجيال .
وما سلم خلف النظام من التحف عجز عن اكتشافها واستخراجها ، ليرشي بها من يموله بالسلاح ، لأنه كان يحتكر هذه التجارة في الدائرة الضيقة، وتقوم العصابات والمافيات اليوم بسرقة ماتبقى ، وبيعه في السوق السوداء !!
لا يهمني الأمر كثيرا” كملايين البسطاء ، و نحن نرى الأرض تفلحها الأجهزة الحديثة المتطورة في اكتشاف المعادن، التي داهمتنا مع تجار الآثار ، من كل مكان لتنقب عن كل ما بقي ثمين في بلادنا المدمرة ، بمساعدة بعض المساكين والأغبياء .
لا قيمة لتلك الآثار عند الكثير من أمثالي ، في بلد لا قيمة فيها للإنسان ،
و نعال تلك الشباب وبعض متاعهم الذين رحلوا، أثمن بكثير عندنا من كنوز الأرض التي تحت أرجلهم، وحفنة من تراب جبلت بدمائهم ، أغلى بكثير من التماثيل والأحجار الكريمة المرصعة بالألماس.
نعم ..
فلم يعد همنا مافي باطن الأرض كهمنا في الحفاظ على الأرض ذاتها ، ونحن نشهد زحف المليشيات والعصابات من كل مكان ، تحاول سلبها من تحت أقدامنا لتستوطن عليها و ترمينا كغيرنا في المخيمات .
أو على مؤائد اللئام .
شغلنا لصوص الدول عن تتبع لصوص الثروات ، ولصوص الثروات عن لصوص الثورات، ولصوص الثورات عن لصوص الآثار، كل شيء في بلادي معروض للبيع ! في مزاد علني .
وأرخص مافيه الوطن بعد الشهداء –
تلك النفوس الطاهرة – التي تركت خلفها كل الغنائم المكتسبة خلال الثورة ، لتتبع و تدرك عدوها ، و تضيع عليه الفرصة و تطرده من بلاد جديدة يحاول أن يحتفظ بها ، ليسكن فيها مرتزقته من شيعة أيارنة و أفغان .
لتقيم عليها تقوس الكره و الحقد ، ويجعلون منها قاعدة ليلتهموا بلاد جديدة من بلاد الإسلام
كما حدث في العراق وقبلها في أفغانستان .
أو يحاول سلخها المجانين من شركائنا في الوطن، ليقيموا عليها فدراليات شكلية مستعمرة سلفا” من قبل نفس الأعداء الذين سحقوهم لعقود .
أعلم كم هو خطير أن تدخل تلك الدهاليز ، وتبحث عن تلك المافيات وتوثق من يعمل و يسمسر ويبيع ويسوق لها، لكنها … الثورة التي طالت لتكشف كل شيء بعد أن اشتعلت ضد أفجر أنظمة الأرض .
لا أظنها إن بقيت ! ستدع أولئك اللصوص ينعمون بحصة الترضية من الدولارات، وستجعل من عظامهم ( خشخاشة ) أثرية سيبحث عنها أبناء الشهداء عندما يكبرون ،
ليقولوا تلك آثار من باع الأوطان .
المركز الصحفي السوري ـ حليم العربي