يبدو جلياً أن النظام أصبح أكثر ضعفاً في أجزاء كثيرة من البلاد. فقد حقق تنظيم «الدولة الإسلامية» مكاسب إضافية في شرق محافظتي حماة وحمص، حيث يمكن نظرياً أن يخترق خطوط النظام ليندفع باتجاه إدلب أو القلمون. كما حققت التحالفات المحلية بين بعض الثوار المعتدلين و «جبهة النصرة» مكاسب كبيرة في الجنوب وجنوب غربي دمشق، وعادت إلى الظهور في منطقة القلمون. بالتالي، فإن هذا الوضع يجبر النظام على وقف هجماته في الشمال ويشتّت جهوده العسكرية، في وقت يتعيّن عليه أيضاً مواجهة الضغط المتزايد من جانب «الدولة الإسلامية» على معقله الأخير المتبقي في مدينة دير الزور في الشرق.
و أي خسارة كبيرة جديدة للأرواح في صفوف الجيش، كما حدث في مطار الطبقة في آب (أغسطس) الماضي، أو أي تهديد مباشر للمناطق الموالية، سيكون له أثر نفسي قوي على القاعدة المجتمعية للنظام التي بدأت تُظهر على مدى أشهر تزايد مشاعر الاستياء إزاء الخسائر البشرية المتواصلة، وتردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
ويقدّر بعض الاقتصاديين أن أموال النظام ستنفد قبل نهاية عام 2015. وحتى لو كانت تلك التقديرات تبالغ في حجم التحدّي، أو تقلِّل من حجم الاحتياط المالي المخفي، إلا أنها تقلّص خيارات النظام الخاصة بمواصلة سياساته الحالية إلى أجل غير مسمّى.
من الناحية النظرية، يمكن النظام أن يخفّف من أعبائه المادية والسياسية عبر الانخراط جدّياً في مقترحات الحدّ من مستويات العنف في البلاد، سواء من خلال هدنة عامة أحادية الجانب، أو عبر «تجميد القتال في حلب» الذي دعا إليه ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية. فمن شأن ذلك أن يظهر استجابة مُقنعة لرغبات الدوائر الموالية التي يُطلب منها أن تتحمّل العبء الأكبر ليس لمعركة لا نهاية لها وحسب، بل لمعركة يزداد فيها الأعداء قدرة مجدّداً.
يبدو أن النظام يعتقد أن الدوائر الموالية لا خيار لها سوى الولاء والمضي في القتال، غير أن هامش المناورة أمامه يضيق. فهو يدرك أن القبول بإجراء الإصلاحات الحقيقية سيضعه على الدرب نحو تفكيك نفسه، بيد أن إصراره على اتّباع نهج عسكري حصراً يقرِّبه من النقطة التي لا يمتلك فيها حاضنة سياسية أو اجتماعية محلية. هذه هي نقطة ضعفه الكبرى.
صحيفة الحياة