أظهرت نتائج جزئية لجولة الإعادة في الانتخابات التمهيدية للاشتراكيين في فرنسا، الأحد، أنهم اختاروا بونوا آمون مرشحا لهم لخوض الانتخابات الرئاسية في خطوة من غير المرجح أن تساعدهم على الفوز بالانتخابات، لكنها قد تعزز حملة إيمانويل ماكرون المستقل المنتمي إلى الوسط والذي يتمتع بشعبية.
وفي ظل إقبال كبير، فاز آمون بـ58.65 بالمئة من الأصوات مقابل 41.35 بالمئة لفالس.
وتمكن آمون من إحداث اختراق واضح منذ دخوله حملة الانتخابات التمهيدية لليسار، فحل في المرتبة الأولى في الدورة الأولى متقدما على رئيس الوزراء السابق فالس.
ويؤكد آمون في أحد الاجتماعات مازحا بشأن صورته السابقة كمرشح هامشي “سمعت من يقول: آمون لا يملك مواصفات الرئيس، لكن انظروا… ما حدث إزاء ترامب”.
ولخص رئيس تحرير صحيفة ليبيراسيون، لوران جوفرين، الأمر قائلا “ها نحن نشهد بفضل برنامج مبتكر ومؤمن بالعولمة البديلة، المرشح الهامشي الذي لا يملك تجربة، يحلق عاليا. وما كان صغيرا بات آلة كبيرة”.
وأثناء حملته غصت اجتماعاته بالحضور الذي كان في غالبيته من الشباب المناهض للعولمة والباحث عن “سياسة أخرى” أو “اشتراكية حقيقية”.
وأتاحت له المناظرات الثلاث التي نظمت قبل الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية أن يحقق اختراقا.
وعلى وقع اقتراحات مبتكرة يريد آمون الذي درس التاريخ وابن العامل الذي أصبح مهندسا وابن أم سكرتيرة، أن يعيد للكثير من الذين خاب أملهم، الأمل وأن يجعل “القلب ينبض مجددا” وهذا كان شعاره، رافضا أن يقتصر خطابه على قضايا “الأمن والحزم والهوية”.
ومع انتقادها ورفضها فإن مقترحات هذا “الكادح”، بحسب المقربين منه، أسالت الكثير من الحبر ومنها الدخل الأدنى العام للجميع وتمكين أقلية من المواطنين من تقديم مشروع قانون أو تعطيله.
وهو يهاجم “السباق نحو النمو” ويفضل “الزهد” ويريد “تشجيع” الحد من فترة العمل وخصوصا “تغيير علاقات العمل” في عالم في أوج تقلبات رقمية.
وتقول صحيفة لوفيغارو اليمينية بسخرية إنه يجسد “نوعا من اليسار النقي والمثالي”. أما مجلة أوبسيرفاتور اليسارية فترى أنه يجسد “اليسار الطوباوي”.
ويرد آمون بأنه فقط يقترح “طريقا” و”يمكنكم أن تعتبروها صالحة أو لا، لكنها طريق”.
وتأتي هزيمة فالس في ختام حملة بالغة الشراسة بعد قرار الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند عدم الترشح وهزيمة سلفه في الإليزيه، نيكولا ساركوزي، أمام رئيس وزرائه الأسبق فرنسوا فيون.
وحتى الآن، توقعت الاستطلاعات منازلة بين اليمين واليمين المتطرف في الدورة الثانية. لكن الصعوبات الأخيرة التي واجهها فيون بعد نشر معلومات عن وظيفة وهمية لزوجته بينيلوب أثرت سلبا في الرأي العام وقد تبدل المعطيات.
ورغم الهجمات التي شنها خصمه على برنامجه الذي يركز على العدالة الاجتماعية، تقدم آمون بشكل واضح على فالس (54 عاما) الذي شدد على خبرته في الحكم مع استمرار تهديد الجهاديين لفرنسا.
وقال انيك ديكان (60 عاما) “نحتاج دائما إلى أحلام وإلى مشروع يصمد”، مؤكدا أنه صوت لآمون لأنه “يحمل مبادئ في المواطنية والتضامن وتوزيع الثروات”.
وجذب آمون، السياسي المتمرس، الناخبين برؤيته المتجددة حول البيئة والعمل والثورة الرقمية. ولكن مهما يكن من أمر، فإن الاستطلاعات لا تزال تتوقع أن يخسر المرشح الاشتراكي الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 23 أبريل لصالح المحافظ فيون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن التي تعززت أسهمها بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وتولي دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة.
ويؤكد محللون أنه على اليسار السعي إلى التكتل إذا رغب في الحضور إلى الدورة الثانية.
ويأمل آمون بأن يتحالف مع المرشح المدافع عن البيئة، يانيك جادو، وربما مع مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، لكن الأخير الذي لا يزال يحتل موقعا جيدا في الاستطلاعات أعلن أنه لا يعتزم الانسحاب.
وفي هذا السياق دعا آمون الحزب الاشتراكي، واليساري المستقل جان لوك ميلينشون، ومرشح حزب الخضر إلى الوحدة. وقال آمون لمؤيديه “سأقترح عليهم أن نبني حكومة أغلبية متسقة وقادرة على الصمود”.
وتظهر استطلاعات رأي أن ميلينشون يمكن أن يفوز بما يزيد على عشرة بالمئة من الأصوات الشعبية في انتخابات أبريل، وهو أكثر مما يتوقع أن يحصل عليه الحزب الاشتراكي.
وحاول فيون أن يستعيد زمام المبادرة وقال أمام الآلاف من أنصاره “لا أخشى شيئا ولن يرهبوني”.
وندد مرارا بـ”الترهيب” الذي يمارس عليه ولكن من دون أن يقدم أي تفسير ملموس للنصف مليون يورو التي جنتها زوجته.
وذكر مصدر مقرب من التحقيق الذي يخضع له فيون وزوجته إن المحققين يستجوبوهما الاثنين في أعقاب مزاعم صحافية بأنها تقاضت راتبا عن وظيفة وهمية.
وكان فيون قال عقب بدء التحقيق الأسبوع الماضي إنه يريد أن يتحدث للمحققين. واستجواب من هذا القبيل خطوة طبيعية في تحقيق أولي وليس علامة على الإدانة.
وحذر فيون، الأحد، من أن استمرار تشويه سمعة المرشحين الرئيسيين في السباق إلى قصر الإليزيه سيؤدي إلى تسلم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الحكم.
وقال لصحيفة “جورنال دو ديمانش” في مقابلة نشرت، الأحد، “إذا استمررنا في محاولة تدمير المرشحين الرئيسيين في السباق الرئاسي ستنتهي المنافسة على هذا النحو”.
وتعهد فيون بمكافحة الاتهامات “حتى النهاية”، لكن أشار إلى أنّه لم يتوقع أن تكون الحملة الانتخابية الرئاسية قاسية إلى هذا الحد. وقال “لم أتوقع أن تكون بهذا العنف وأن تنحدر إلى هذا المستوى”.
العرب اللندينة