كشف تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على خطة أمريكية لبيع الإمارات العربية المتحدة السلاح. وتشمل الخطة التي يدفع بها البيت الأبيض على بيع أسلحة متقدمة قد تحرف الميزان العسكري في الشرق الأوسط، بما فيها طائرة تجسس إلكترونية، إي إي 18 جي غرولر.
وفي التقرير الذي أعده مارك مازيتي وإدوارد وونغ ومايل لافورجيا جاء أن نتنياهو لم يعارض في أحاديث خاصة خطة إدارة دونالد ترامب لبيع أسلحة متقدمة إلى الإمارات رغم ما صدر عنه لاحقا أن إسرائيل تعارض الصفقة. وبحسب مسؤولين على معرفة بالتفاصيل لم يحاول ترامب عرقلة الصفقة عندما كان يشارك في الجهد الأوسع وهو تأمين اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والإمارات. وعندما أعلن الرئيس ترامب عن المبادرة لم يتحدث عن محادثات السلاح التي سبقت هذا. وعندما خرجت أخبار صفقة السلاح إلى عناوين الأخبار الشهر الماضي أنكر رئيس الوزراء مرارا أنه أعطى تأكيدات لإدارة ترامب بعدم معارضة الصفقة الأمريكية مع الإمارات. وقال المسؤولون إن تصريحات نتنياهو العامة لم تكن صحيحة.
ثم توقف عن الشكوى من صفقة السلاح مع الإمارات بعد لقائه مع وزير الخارجية مايك بومبيو الذي زار إسرائيل الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي أعادت نتنياهو إلى المسار الأمريكي، كما يقول المسؤولون. وزاد البيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة من الدفع باتجاه بيع الإمارات أسلحة متقدمة بما فيها مقاتلات أف-35 وطائرات بدون طيار “ريبر”. وتضم الصفقة أيضا مقاتلات الحرب الإلكترونية إي إي 18 جي غرولر التي تعبد الطريق أمام تسلل المقاتلات والهجوم من خلال تشويش أنظمة الدفاع الجوي للعدو. ولم يتم الحديث عن هذا العنصر من الصفقة في السابق.
لطالما رغبت الإمارات بشراء هذه الأسلحة المتقدمة لكن إسرائيل عارضت خشية أن ينحرف ميزان التفوق النوعي العسكري منها
ولطالما رغبت الإمارات بشراء هذه الأسلحة المتقدمة لكن إسرائيل عارضت خشية أن ينحرف ميزان التفوق النوعي العسكري منها. وكان اعتراف نتنياهو بالموافقة مدعاة للاحتجاج في إسرائيل، كما حصل عندما تم الكشف عن صفقة السلاح، بمن فيهم أعضاء في حكومة نتنياهو.
وتزامن إعلان ترامب عن الصفقة مع الإمارات مع وقت كان يواجه فيه نتنياهو أزمات متعددة: انتشار فيروس كورونا وتأزم العلاقة مع شركائه في الحكومة والمفاوضات لتمرير الميزانية وملاحقات قضائية بالفساد. وحاول المسؤولون الأمريكيون التأكيد على أن صفقة السلاح للإمارات ليست نتاجا مباشرا لموافقتها على التطبيع مع إسرائيل. ولكنهم لا يعترضون على أن الصفقة مرتبطة بالمبادرة الدبلوماسية، وجاءت بعد رفض أمريكي متكرر لبيع هذه الأسلحة المتقدمة.
وقالت الصحيفة إن صفقة السلاح هذه قد تواجه معارضة قوية في الكونغرس. وبحسب القانون فيجب ألا تؤثر مبيعات السلاح على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة. ولكن المسؤولين في إدارة ترامب ناقشوا تجاوز الأجزاء المهمة في عملية المراجعة بالكونغرس والدفع بالصفقة قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي بيان من رون ديرمر، السفير الإسرائيلي في واشنطن، قال: “ليس صحيحا” أن نتنياهو منح موافقته للمسؤولين الأمريكيين وخطط بيع السلاح المتقدم للإمارات. وأضاف أن إسرائيل واثقة من إدارة ترامب و”التزامها الكامل بالحفاظ على التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي بالمنطقة”. ولم تعلق وزارة الخارجية أو مجلس الأمن القومي على الأخبار.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعدادا من المسؤولين الإماراتيين سافروا إلى واشنطن للقاء المسؤولين في البنتاغون والخارجية لمناقشة الصفقة العسكرية والمبادرة الدبلوماسية. وبحسب حسين أبيش، من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، فإن مسؤولين من الدول الثلاث أخبروه بموافقة نتنياهو على مبيعات السلاح، لكنه شجبها في تصريحاته العامة بسبب الغضب الذي اندلع في إسرائيل، بما في ذلك وزارة الدفاع.
وقال: “سمعت من الأطراف الثلاثة أنه أعطى الضوء الأخضر” وأنه لن تكون هناك معارضة جوهرية أو منافسة. وقال إن الإماراتيين اندهشوا من تصريحاته وألغوا لقاء كان من المزمع عقده في 21 آب/أغسطس في الأمم المتحدة. وتمت تهدئة الإماراتيين عندما تلقوا تطمينات أن الصفقة لا تزال على الطاولة. ويقيم السعوديون والإماراتيون علاقات وثيقة مع جاريد كوشنر، مستشار وصهر ترامب والذي يعتبر الدولتين مهمتين في جهوده الفاشلة لتحقيق تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفوق كل هذا تبنى ترامب مبيعات السلاح لهما رغم الشجب من الكونغرس لمقتل آلاف المدنيين في اليمن وعادة بالسلاح الأمريكي. وعبر عدد من مسؤولي البنتاغون عن عدم ارتياحهم من التأثير الإماراتي في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي. كما عبروا عن عدم رضاهم من تقديم عروض لهم في تموز/يوليو احتوت على معلومات سرية عن أف-35. وبنفس السياق عبر أعضاء في الكونغرس ومساعدون لهم عن قلقهم مشيرين للدور الكارثي الإماراتي في اليمن. ورغم سحب أبو ظبي معظم قواتها من اليمن إلا أنها نشرت مقاتلات في ليبيا مما زاد من قلق المشرعين الأمريكيين.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن التقارب الإسرائيلي- الإماراتي هو جزء من محاولات تطبيع ممكنة بين إسرائيل والدول العربية. وحاول المسؤولون تخفيف المخاوف الإسرائيلية بشأن حصول دولة عربية على مقاتلات أف-35 بالتأكيد على أن الإمارات عدو لإيران وأن تقوية الجيش الإماراتي من مصلحة إسرائيل. وتعتبر التحركات الأمريكية في المنطقة ملحة، فهي محاولة لكسب أصوات الإنجيليين المسيحيين من خلال مساعدة إسرائيل.
هناك مخاوف من إلغاء الإدارة المقبلة الصفقة حالة فاز جوزيف بايدن
وهناك مخاوف من إلغاء الإدارة المقبلة الصفقة حالة فاز نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن. وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الشهر الماضي أن صفقة السلاح مرتبطة بالتطبيع. ورد مكتب نتنياهو وبتفصيل حدد فيه ما قامت به الحكومة خلال الصيف للتعبير عن معارضتها لصفقة أف-35 لأي بلد في المنطقة. وجاء في البيان: “لا يشمل اتفاق السلام مع الإمارات العربية المتحدة أي إشارة لمبيعات السلاح وأن الولايات المتحدة كانت واضحة كما هي أنها تتعامل بشدة مع محافظة الولايات المتحدة على التفوق النوعي”.
وجاء فيه أن وزير الجيش بيني غانتز، وهو رئيس سابق لقيادة الأركان، أكد أن المسؤولين الأمريكيين أخبروه في تموز/يوليو معارضتهم لصفقة أف-35. ورد غانتز غاضبا في مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء بأنه لم يعلم مقدما بالتطبيع و”من المحظور اتخاذ مخاطر أمنية”. وفي يوم الإثنين كان كوشنر في الطائرة التي سافرت مباشرة من تل أبيب إلى أبو ظبي وتطرف لصفقات السلاح قائلا: “العلاقة العسكرية الأمريكية مع الإمارات خاصة جدا مثل العلاقة بين إسرائيل وأمريكا” وأكد أن أمريكا ستواصل الحفاظ على تفوق إسرائيل النوعي.
ولم تعلم وزارة الخارجية الأمريكية بعد الكونغرس عن صفقة السلاح، إلا أن المشرعين ردوا برفضها بعد نشر أخبارها في الصحف. ومن المتوقع أن يعارض عدد من المشرعين الصفقة لو لم تدعمها إسرائيل.
نقلا عن القدس العربي