قالت صحيفة “نيويورك تايمز” اﻷمريكية إن التغيير الذي حدث في السياسة اﻹيرانية بشأن عملياتها العسكرية في سوريا، التي كانت من المحرمات في الماضي، أصبح حاليا الحديث عنها علنا، بل وتسعى الدولة لتمجيدهم، بسبب “رغبتها في استمرار الدعم لعملياتها هناك، وقطع الطريق على أي تسوية سياسية”.
وفيما يلي نص التقرير..
أول تقرير إخباري يبث للأمة التي كانت عادة تعيش في الظلام حول المسائل العسكرية، كان صادما، 13 جنديا إيرانيا، من الحرس الثوري اﻹيراني، قتلوا في كمين قرب مدينة حلب السورية.
وما تبع هذا التقرير كان أكثر إثارة للدهشة، تفاصيل عن جنود ظهروا على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية، التي سمحت ليس بتداول أسماء القتلى فقط التي كانت تخفيها، ولكن قصص بطولاتهم، بجانب صور في جميع أنحاء البلد.
لسنوات، ايران أخفت كل أنشطتها العسكرية في سوريا والعراق، وبالتالي فإن الحكومة كانت تنكر أي تورط رسمي ﻹيران على أرض الواقع.
توابيت وصلت ﻹيران تحمل جثث مجهولي الهوية، يشار إليهم فقط باسم “المدافعين عن المقدسات”، وعندما بدأت تعود الجثث للوطن أعداد كبيرة، بدأت وسائل الإعلام تصفهم بأنهم “متطوعين”.
ولكن هذا ليس لفترة طويلة، الآن كل إيراني قتل في المعارك تنشر اسمه، وصورته، وتحكى قصص عن شجاعته في وسائل الاعلام، وعلى حسابات مخصصة للمقاتلين.
والسبب في هذا التغيير، كما يقول محللين، ليس بعض الشفافية، لكن لوجود تصدع وانشقاق بين المتشددين الذين يسيطرون على الجيش، والمعتدلين.
المتشددون، كما يقول المحللين، يريدون منع أي تراجع في دعم طهران المطلق للرئيس السوري بشار الأسد، وإضعاف مكانة المعتدلين، ويخشون من أن التسوية السياسية قد تفتح الباب أمام تنحي اﻷسد.
الحرس الثوري يرى في الكشف عن تضحيات من قتلوا وسيلة لبناء لزيادة المحلي للسياسة الحالية تجاه سوريا والقضاء على أي حديث عن حل وسط، وقد اجتذبت حسابات “إينستاجرام” عشرات الآلاف من المتابعين غالبيتهم يدعمون المجهود الحربي.
وقال حميد رضا تراغي، المحلل السياسي القريب من قادة إيران:” من خلال البدء في الكشف عن دورنا يمكننا منع أي حل دبلوماسي للمشكلة السورية .. والا، يجب علينا هزيمة الارهابيين، وبعد ذلك فقط يمكننا التفاوض”.
المتشددون ينشرون نجاحات الجهود العسكرية وحتى اخفاقاتها عن طريق مجموعة متنوعة من الطرق، بما في ذلك التقارير الإخبارية، والأفلام الوثائقية.
وفي معرض طهران الدولي للكتاب مؤخرا، سمح للايرانيين العاديين بتصوير أنفسهم من “المدافعين عن المقدسات”، بوضع صورهم وهم يجلسون على دراجة نارية عسكرية وفي الخلفية شوارع مدمرة في سوريا.
التركيز الرئيسي، يكون على وسائل الاعلام الاجتماعية.
“فيس بوك، وتويتر” تحظرهم إيران، ولكن برنامج “إينستاجرام” يسمح بمشاركة الصور بحرية، وكانت تستخدمه في السابق الطبقة المتوسطة، إلا أن حاليا يمتلئ بصور “الشهداء” وشبان يحملون بفخر الرشاشات.
أحد الحسابات في “إينستاجرام” التابع لمراسل للتلفزيون الرسمي الإيراني “حسن شيمشيادي” يكرم المقاتلين والأفغان في لواء “الفاطميون” المدعوم من إيران.
“شيمشيادي” يتابعه أكثر من 90 ألف على “إينستاجرام” حيث يضع صور شخصية أمام مدرعة خلال تواجده في سوريا، بجانب صور للقتلى الذين يصفهم بأنهم شهداء ماتوا خلال دفاعهم عن العتبات المقدسة ومن أجل اﻷمن الوطني لبلدهم.
فضلا عن صور للحياة اليومية على الجبهة، ففي مايو، وضع صورة لرجل وصفه بـ “الشهيد” يقص شعره.
في فبراير، نشر حساب “شيمشيادي” صورة لعدد من قتلى المعارك قرب مدينة سامراء العراقية، وعلق أحد المتابعين على ذلك بقاله : تعبت من كثرة قتل الشباب اﻹيراني، وتساءل هل العراق أو سوريا غير قادرة على الدفاع عن أنفسهم؟ لماذا يفقد الشباب الإيراني حياتهم من أجل دولة أخرى؟”.
مركز الشرق العربي