بعيون دامعة وكلمات متقطعة “هون كنت معن.. وكل يوم رح أجي لقلن يرجعو.. أنا اشتقتلن كتير”، لم تكن سوى كلمات بسيطة تحمل الكثير من الآلام في قلب طفل صغير لم يقوى بعد على تحمل كل قسوة وظروف الحرب الدامية التي طالت كل شيء.
حولت الأوضاع المتردية في سوريا عدداً كبيراً من الأطفال إلى أيتام، بعد فقد من يعيلهم، واضطر الكثير منهم إلى تحمل مشاق العمل في عمر مبكر. حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد الأطفال الأيتام في سوريا تجاوز الـ 800ألف طفل، وهذه الأرقام في تزايد، حسب ما أوردته صحيفة القدس العربي.
الطفل “ابراهيم” من مدينة ادلب البالغ من العمر 11 سنة يصف لنا ذلك اليوم المأساوي في حياته، والذي فقد فيه كل أحلامه وطفولته البريئة قائلاً: “كنا رايحين أنا وماما وبابا عالسوق بيوم وقفة العيد لحتى نشتري الي بوط وتياب العيد، كنت فرحان كتير وأنا ماسك بأيد بابا وبدون مانخاف من الطيارة لأنه قلنا بابا أنه خلونا ننزل عالسوق بكير بما أنو في هدنة، فجأة سمعنا صوت الإنذار اشتغل والناس صارت تتخبى ركض فينا بابا ودخلنا على قلب العبارة.. بعدها مابقى حسينا بشي غير أنه دنيا سودا وكل شي عتم، طلعت حوالي مالقيت ماما وبابا… ركضت وصرت دور بين الناس وطلع عليهن وفجأة لقيت بابا متشطح عالأرض وماما نايمة جنبو صرت فيقها بلكي بترد بس ماكان حدا يرد علي..”.
لم يستطع “ابراهيم” الكلام أكثر فهو مازال يذهب إلى مكان يتنقل فيه من شارع إلى شارع يراقب ما تبقى من أبنية مهدمة مازال بعضها يتأرجح في الهواء، يبحث عن ذاته عله يستيقظ من الشتات وينسى تلك الصورة القاسية من واقع الحال الذي جعله يخسر والديه في لحظات دون أن يبقى لديه معيل في الحياة، وينتقل ليعيش مع جدته العجوز البالغة من العمر 80 عاماً، بحسب شهادته.
الحرب الدامية التي طالت كل شيء، الحجر والبشر، ألحقت أضرارها بملايين السكان. دفعت بالكثيرين للبحث عن طريقة للحياة ومواصلة الأمل في العيش. لم يكن هناك بيت إلا وعانى من مأساة في زمن حرب لا ترحم وإن اختلفت تلك التفاصيل إلا أن المأساة واحدة تحولت إلى كارثة في ظل فقدان الأبوين أو أحد أفراد الأسرة.
“فاطمة” شابة سورية تبلغ من العمر 22 عاماً، فقدت زوجها في إحدى معارك التحرير تحكي لنا قصتها بقلب يعتصر ألماً على فراق الزوج وغياب المعيل “انقهرت كتير وبكيت كتير بعد مافقدت زوجي وأنا لساتني بهالعمر كان هالشي صدمة بالنسبة إلي والأصعب أنه عندي بنتين صغار، حسيت لما راح جوزي بفراغ كبير وخاصة أنه أنا ست بيت وماعندي وارد عيش منو، لهيك قررت أتعلم الخياطة بمعمل صغير لحتى عيش أنا وبناتي وما نمد أيدنا لحدا ورب العالمين مارح ينسانا”.
من داخل الصراع قصص تروى وأشخاص تعاني الألم دون أن يعلم بها أحد في ظل أوضاع صعبة وأعداد كبيرة من اليتامى تعيش دون معيل لها، لذلك لابد من جميع المنظمات ودور رعاية الأيتام تقديم يد العون لمساعدة ودعم النساء والرجال الذين يقومون بتربية اليتامى وخاصة الجدات والأجداد والكثير من الأمهات، علهم يستطيعون تعويض هؤلاء الأطفال عن جزء بسيط من حقهم في الحياة بغياب الأبوين وإعادة البسمة إلى وجوههم البريئة.
المركز الصحفي السوري – ديانا مطر