المركز الصحفي السوري – مؤيد ابوحمزة
أحبَ نهر العاصي ، سبح في مياهه، لعب على ضفافه، تعلق به، لكنه لم يتوقع أن يسبح في مياهه وهو ميت,
أحمد، شاب في العقد الثاني من عمره خلوق محبوب من الجميع لم تسمح له الأحداث الدائرة في بلاده من تحقيق حلمه الدراسي بأن يكون طبيبا مشهورا.
فأطفال درعا الدين أوقدوا الثورة المباركة عندما كتبوا شعاراتهم عل جدران المدارس ،مما دفع جهاز الأمن السوري بتعديبهم بوجشية وبأوامر من عاطف نجيب أحد أقرباء الرئيس السوري
دفعوا كل المناطق في سوريا إلى الوقوف والانتفاض في وجه النظام السوري مطالبين بالحرية والعدالة.
ومن بين المدن التي ثارت ولبت نداء أطفال درعا مدينة حماة التي شهدت خروج مظاهرات مليونية.
في هده الأثناء كان أحمد يعمل في تنسيقية الثورة ،التي كان عملها تنظيم المظا هرات وكتابة اللافتات التي يجب أن تحمل في المظاهرات
وقد اعتاد السوريون الخروج في مظاهراتهم في يوم الجمعة و بعد صلاة الجمعة تحديدا
ليطلق على كل جمعة اسم مناسب تختاره التنسيقيات كجمعة ارحل ،وجمعة العشائر، وجمعة أطفال الحرية.
اصبحت اعداد المتظاهرين تزداد في حماة إلى أن وصلت إلى مليون متظاهر، مما اضطر جهاز الأمن السوري من منع المظاهرات بأي شكل من الأشكال.
كانت المظاهرات في حماة تخرج من أكبر المساجد كمسجد السرجاوي في حي الجراجمة ومسجد عمر بن الخطاب في حي صلاح الدين ثم تجتمع الحشود في أكبر وأشهر ساحات حماة وهي ساحة العاصي.
في جمعة أطفال الحرية 3\6\2011قام الأمن السوري باحتلال ساحة العاصي قبيل ساعات من بدء المظاهرة في محاولة منهم لمنع خروج المتظاهرين.
علم أحمد ورفاقه بالأمر , فقررو أن يحملوا أغصان الزيتون في إشارة منهم بأن مظاهرتهم سلمية متوهمين بأن من جرد من انسانيته سوف يفهم رسالتهم متناسين بأن الأمن قد ارتكب مجازر عدة في كثير من المظاهرات السلمية في حمص وإدلب وبانياس.
انطلقت المظاهرة، أحمد في الصف الأمامي للمظاهرة, وصلت طلائع المتظاهرين ألى جسر شفيق عبيسي على نهر العاصي أي على مدخل تلك الساحة الشهيرة
هنا بدأ أحمد بالنظر إلى نهر العاصي، وإلى مياهه، نظرة مختلفة عن كل النظرات السابقة، نظرة تحمل كل معاني الحب والإشتياق.
نظر أحمد إلى حشود الأمن ورفع غصن الزيتون مناديا: سلمية……..سلمية
لتردد خلفه جموع المتظاهرين أيضا سلمية……سلمية
لكن لم تشفع لهؤلاء المتظاهرين سلميتهم ، فالرصاص بدأ بالإنهمار كالمطر على صدورهم العارية
نتج عن مجزرة جمعة أطفال الحرية مايقارب 200 شهيد و300 جريح ، جمعة لن تمح من داكرة من عاش تفاصيلها.
بحثنا عن أحمد بين الشهداء، ثم بين الجرحى لكن دون جدوى، بحثنا عن اسمه بين المعتقلين لكنا لم نجد له اسما.
في صبيجة اليوم التالي للمجزرة عثر على أحمد في نهر العاصي ، فلقد ظن أحمد أن مياه نهره المحبوب ستقيه رصاص القتلة لتمزج دماء أحمد بمياه العاصي ولتكون أخر لحظة من حياة أحمد سباحة في نهر العاصي لكنها بطعم آخر هده المرة ، بطعم الشهادة من أجل الحرية والعدالة والكرامة.
مؤيد ابوحمزة