ندد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الأربعاء، بالاضطرابات التي اندلعت في البلاد ووصفها بأنها “مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جدا”، وذلك في وقت قالت فيه الحكومة إن نحو 731 مصرفا و140 مقرا حكوميا أُضرمت فيها النار خلال الاضطرابات.
وبدأت الاحتجاجات يوم 15 نوفمبر بعد الإعلان عن رفع أسعار البنزين، لكن سرعان ما أصبحت ذات طابع سياسي حيث دعا محتجون كبار قادة البلاد للتنحي.
وكانت هذه أسوأ اضطرابات مناهضة للحكومة منذ أخمدت السلطات مظاهرات اندلعت احتجاجا على التلاعب بالانتخابات في 2009، وهو ما جعل سلطات طهران تدفع بكامل ثقلها نحو قمع المحتجين بذريعة وجود مؤامرة خارجية وكذلك الترويج لانتصارات وهمية تتمثل في إفشال هذه المؤامرة.
وردت الحكومة بإلقاء المسؤولية عن الاحتجاجات على “بلطجية” على صلة بمنفيين في الخارج والولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
ونقل موقع خامنئي الإلكتروني الرسمي عنه قوله خلال اجتماع مع قوة الباسيج شبه العسكرية التي شاركت في قمع الاحتجاجات “الشعب الإيراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جدا وظف الأعداء أموالا طائلة لها”.
وتحاول السلطات في طهران من خلال هذه التصريحات الترويج لانتصارات لا قيمة لها، لاسيما مع التقارير الدولية التي تفيد بوجود انتهاكات جسيمة طالت حقوق الإنسان. وحاول وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي تبرير قمع المحتجين السلميين بأعمال العنف التي شابت تظاهراتهم، إذ صرح أن نحو 731 مصرفا و140 مقرا حكوميا أُضرمت فيها النار خلال الاضطرابات.
ونشرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء تصريحات للوزير ذكر فيها أن أكثر من 50 قاعدة تستخدمها قوات الأمن هوجمت ونحو 70 محطة غاز أُحرقت، دون تحديد مواقع هذه الهجمات.
ونقلت الوكالة قوله أيضا إن ما يصل إلى 200 ألف شخص شاركوا في الاضطرابات على مستوى البلاد في إقرار بتعمق الفجوة بين السلطات الإيرانية والشعب وهو ما دفعه للانتفاض.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت إنها وثقت مقتل ما لا يقل عن 143 شخصا خلال الاحتجاجات.
ورفضت إيران عدد القتلى الذي أعلنته المنظمة قائلة إن عدة أشخاص، منهم أفراد من قوات الأمن، قُتلوا وإن أكثر من ألف اُعتقلوا. وقال مركز حقوق الإنسان في إيران، الذي يتخذ من نيويورك مقرا، إن عدد المعتقلين ربما يقترب من أربعة آلاف.
ويأتي ذلك في وقت اتهمت فيه منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات الإيرانية “بالتستر المتعمد” على أعداد القتلى والمعتقلين خلال قمع التظاهرات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد في منتصف هذا الشهر.
وانتقد نائب مدير المنظمة في الشرق الأوسط مايكل بيج إيران قائلا إن “إيران رفضت تقديم العدد الدقيق للقتلى وبدلا من ذلك هددت المعتقلين بالموت”.
وجاءت الاحتجاجات بينما تسببت عقوبات جديدة فرضتها الولايات المتحدة على طهران هذا العام في توقف جميع صادرات النفط الإيرانية تقريبا وتزامنت مع اندلاع احتجاجات في العراق ولبنان ضد حكومتي البلدين اللتين تضمّان فصائل مسلحة مؤيدة لإيران وهو ما وضع نفوذها على المحك.
وقال وزير النفط بيجن زنغنه قوله إن هناك تراجعا بنحو 20 مليون لتر في الاستهلاك اليومي للبنزين منذ رفع الأسعار.
وزادت معيشة المواطن الإيراني العادي صعوبة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في العام 2015 وعاود فرض عقوبات عليها.
وبالإضافة إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة وانخفاض الريال واستشراء الفساد، أدت أيضا سياسة الضغوط القصوى التي تنتهجها واشنطن إلى تدهور الاقتصاد الإيراني.
وتزداد الضغوط الدولية على النظام الإيراني بهدف منعه من ارتكاب انتهاكات بحقوق المعتقلين.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها تلقت الآلاف من الرسائل من إيران حول الاحتجاجات بعد مناشدة المتظاهرين تحدي القيود المفروضة على الإنترنت.
وصرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو “تلقينا ما يقرب من 20 ألف رسالة ومقاطع فيديو وصور عن انتهاكات من خلال خدمة تلغرام للمراسلة”.
وكانت إيران قد عمدت إلى قطع الإنترنت على المحتجين، وهو ما رأى فيه مراقبون محاولة من النظام لعزل المتظاهرين السلميين عن عالمهم الخارجي.
نقلا عن الشرق الاوسط