المركز الصحفي السوري – عاصم الإدلبي 17/4/2015
تصادف اليوم السابع عشر من نيسان الذكرى الخامسة والستون لجلاء القوات الفرنسية عن أرض سوريا، ولازال السوريون يناضلون عبر سنوات أربع من الثورة لنيل حريتهم وكرامتهم التي سلبها نظام الأسد منذ 45 عاماً.
لم تمر هذه الذكرى على السوريين بشكل عادي، بل مرت بمزيد من الأسى والحزن والقتل الذي لاينفك عن رقابهم بفعل آلة الحرب الهمجية لنظام الأسد، حيث قامت قوات النظام السوري حوالي الساعة العاشرة مساء أمس الخميس باستهداف دوار المحراب وكراجات البولمان وعدد من الأحياء في المنطقة الشرقية لمدينة إدلب بغاز الكلور السام ما أدى لإصابة عشرات الأشخاص بالاختناق نتيجة استنشاق الغاز السام، كما توفي يوم الأربعاء الماضي 3 أشخاص في دوما بريف دمشق قضوا جوعاً بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام على الغوطة الشرقية منذ عامين، كل هذا وأكثر والنظام السوري لم يشبع غريزته الإجرامية بقتل كل سوري شريف يقول لا في وجهه، فها هو يستخدم أبشع وسائل القتل من قتل واعتقال وتنكيل بالسوريين الأحرار، عدا عن تدمير البنية التحتية للبلد نتيجة القصف بالبراميل المتفجرة المحرمة دولياً.
قام الانتداب الفرنسي عام1920 بتقسيم سوريا على أساس طائفي إلى ست دويلات مستقلة وإخضاعها للحكم المباشر وهذه الدول هي: دولة دمشق، دولة حلب، دولة العلويين، دولة لبنان الكبير، دولة جبل الدروز، لواء الاسكندرون المستقل والذي ألحق بالحكم الأتاتوركي خلال معاهدة أنقرة وترسيم الحدود بين تركيا والدول اللاستعمارية.
بسبب رفض السوريين لمبدأ التقسيم الطائفي قامت الثورة السورية في عام 1925 من جبل الدروز، الذي سمي جبل العرب بعد انطلاقتها، لأن هدف الثورة الأول كان إقامة الدولة العربية الحرة وتوحيد سورية ساحلاً وداخلاً والاستقلال ورفض الانتداب الفرنسي، لتشمل سورية كلها وجزءاً من لبنان. وقد تولى سلطان باشا الأطرش قيادتها بالإجماع في مؤتمر ريمة الفخور بعد أن شهد العالم معركة المزرعة، التي قضى فيها الثوار على حملة ميشة والتي كان قوامها 13000 جندي، أما الثوار فكان عددهم 400 ثائر، وبعد هذه المعركة المظفرة، التحق الوطنيون الدمشقيون والسوريون والعرب بركبها. وتعد من أهم الثورات ضد الاحتلال الفرنسي بسبب أنها شملت سورية كلها وامتازت بمعارك ضارية بين الثوار والقوات الفرنسية. وكان لها العديد من النتائج الملموسة.
تحركت الثورة من كل مناطق ومدن سوريا بقياده عدد كبير من القادة السوريين، من جبل العرب و حوران سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى، ومن حلب إبراهيم هنانو، ومن دمشق حسن الخراط، ، وعدد كبير من الابطال والمجاهدين من مختلف مناطق سوريا واشتركت فيها كافة فصائل الشعب السوري، وقد لجأ سلطان الأطرش مع عدد من قادة الثورة بذكائهم وحنكتهم إلى نقل قيادة الثورة من المدن والقرى إلى البادية لتكون بعيدة عن متناول القوات الفرنسية ومخابراتها. فلجأوا إلى الشيخ سلطان سطام الطيار شيخ قبيلة ولد علي من عنزة كونه أحد الثائرين ضد الاستعمار. إلا أن ذلك المقر لم يدم أكثر من ستة أشهر حيث اكتشف مكانهم وهاجمتهم القوات الفرنسية ليضطروا بعدها للانتقال.
زعزعت هذه التحركات الكبيرة بشكل كبير سياسة الفرنسيين في سوريا وأصبحوا على قناعة تامة بأن الشعب في سورية لن يرضخ ولا بد من تأسيس حكومة سورية وطنية والرضوخ لإرادة الشعب وثورته الكبرى وتشكيل مفاوضين من مختلف محافظات سوريا وعمل انتخابات برلمانية مستقلة. استمر على عقبها رجال الدولة والسياسيون السوريون وقاعدة الثورة في جبل العرب ودمشق ودرعا وحلب وطرطوس واللاذقية وحمص وحماة ودير الزور والرقة وعرض مطالب الشعب في سوريا.
استمر الشعب بنضاله على المستوى السياسي الذي أخذ طابع مظاهرات شعبية عمت أرجاء البلاد وكذلك العسكري حتى تم جلاء القوات الفرنسية عن سوريا في 17 من نيسان عام 1946، وذلك بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي تم تقديمه إلى المجلس وضمان عدم استخدام حق النقض الفيتو من قبل فرنسا وبريطانيا، حيث تم تسليم السلطة من الانتداب الفرنسي إلى المجلس النيابي السوري في دمشق.
تعود الذكرى الخامسة والستون على السوريين وكلهم أمل أن يكلل نضالهم في هذه الثورة المشتعلة منذ 15 من مارس 2011 إلى نيل الحرية التي طال انتظارها خاصة أن الكلفة التي دفعت كانت باهظة بكل المقاييس، والشعب السوري إذ هو معروف بحبه للتضحية والنضال من أجل الكرامة لن يقف حتى آخر قطرة من دماء أبنائه للوصول إلى ما يصبو إليه في الحرية والكرامة والديمقراطية
المركز الصحفي السوري- عاصم الإدلبي