العربية.نت
23 يوما على عاصفة الحزم، رافقتها 3 خطابات تصعيدية لأمين عام حزب الله في لبنان السيد حسن نصرالله، حاول فيها التدرج في التصعيد ضد المملكة العربية السعودية بالتركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عامة يمكن من خلالها مخاطبة العالمين العربي والإسلامي، ثم انتقل إلى تقديم رؤية حول المصالح الأميركية والإسرائيلية في مرحلة ثانية، ليعود ويلجأ إلى اعتماد خطاب الدفاع عن القومية والعروبة والإسلام.
للوهلة الأولى، بدا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الذي ألقاه بتاريخ27 مارس 2015 مصدوما بالقرار العربي بالذهاب إلى عملية عسكرية لإعادة التوزان على الساحة الأمنية وفرض الأمن والاستقرار والشرعية في اليمن بعد أن لجأت القوى المنضوية تحت تحالف علي عبدالله صالح – عبدالملك الحوثي إلى ضرب كل المعادلات العسكرية والسياسية في اليمن وبدأت عملية استيلاء واضحة على السلطة والدولة في تحرك يشبه الانقلاب العسكري على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية للحل.
عاصفة الحزم، عصفت بالهدوء لدى أمين عام حزب الله، فلجأ إلى اعتماد خطاب تصعيدي، خصصه للتخريب على القيادة السعودية لهذه العملية العسكرية التي تهدف إلى الدفاع عن الأمن القومي العربي، وعن العمق الاستراتيجي للسعودية بالدرجة الأولى ولغيرها من الدول العربية بالدرجة الثانية.
خطاب عاطفي
نصرالله في خطابه الأول هاجم عاصفة الحزم، وحاول نقل الاهتمام عن مفاعيل وأهداف هذه العملية باعتماد خطاب عاطفي يستهدف الرأيين العامين العربي والإسلامي من خلال التركيز على القضية الفلسطينية، باعتبارها القبلة الأولى للمسلمين والقضية العربية المحورية.
الخطاب العاطفي لنصرالله واتخاذ القضية الفلسطينية مدخلا لتأليب الشعوب والرأي العام ضد عاصفة الحزم، لم يستطع إخفاء مدى الإرباك الذي سببته هذه العملية العسكرية التي بدأها المارد العربي الذي اعتقد الآخرون أنه يغط في سبات عميق، فاعترف بأنه تابع أخبار هذه العملية منذ لحظاتها الأولى، واعترف أيضا بأنه يتابع “قناة العربية”، حيث سمع الخبر الأول عن العملية، على الرغم من أنه سبق وفي أكثر من خطاب له أن هاجمها وأطلق عليها اسم “العبرية” بسبب مواقفها المنتقدة والمعارضة لسياسات حزب الله في لبنان ولدور إيران الإقليمي الساعي إلى الهيمنة على المنطقة.
نصرالله حاول في هذا الخطاب تقديم المسوغات للتغول الإيراني في المنطقة العربية خصوصا والشرق الأوسط عموما، من خلال إلقاء اللوم على الآخرين الذي تركوا دورهم ما سمح لإيران باعتماد سياسة ملء الفراغ، وهي محاولة لتسويغ ما سبق أن أعلنه أكثر من مسؤول إيراني سياسي وعسكري عن سيطرة إيران على أربع عواصم عربية ووصولها إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
الانفعالية التي هيمنت على خطاب نصرالله الأول الذي خصصه للعملية العسكرية في اليمن، في إطار سلسلة خطابات وعد بها حول عاصفة الحزم، جاءت محكومة بشعور واضح أن هذه العملية استطاعت أن تعرقل أو تقطع الطريق على المشروع الإيراني باستكمال مخطط الهيمنة على اليمن ووضعه إلى جانب كل من العراق وسوريا ولبنان داخل المشروع الإيراني، ويعزز طموحات التدخل والتأثير في كل من البحرين وفلسطين لاحقا.
البوابة الفلسطينية
وعندما لم تنجح البوابة الفلسطينية في التأثير على مسار عملية عاصفة الحزم، ولم تجد انتقادات نصرالله الصدى لدى الشعوب العربية والإسلامية، انتقل إلى مرحلة ثانية من التصعيد، وهذه المرة اختار لها منبر قناة الإخبارية السورية التابعة للنظام بتاريخ 6 أبريل 2015، واعتمد هذه المرة التركيز على الدور الأميركي في عاصفة الحزم، معتبرا أن الهدف من هذه العملية هو الحفاظ على الهيمنة الأميركية وأن خروج اليمن من دائرة النفوذ السعودي يعني خروجه من دائرة الهيمنة الأميركية.
وانتقل نصرالله لوضع الهدف النهائي لعملية عاصفة الحزم في إطار الدفاع عن أمن إسرائيل، انطلاقا ، وباعتراف ضمني بالمساعي الإيرانية للسيطرة على اليمن وباب المندب الاستراتيجي، من أن الأميركي يسعى للحفاظ على وجوده في اليمن من أجل الدفاع وتأمين مصالح إسرائيل وأمنها في المنطقة.
وما لم يقبل به حزب الله وأمينه العام في لبنان من دور وموقف للأمم المتحدة والتي اتهمها مرارا وتكرارا بالعمل ضمن الأجندة الأميركية والإسرائيلية عاد وقبله في موضوع الأزمة اليمينة، داعيا قيادة عمليات عاصفة الحزم السعودية والعربية إلى القبول والموافقة على دور وسيط للأمم المتحدة للحل في اليمن في إطار حوار سياسي لا يكون على حساب طرف من الأطراف، لكنه لم يتخل عن إشارات التهديد والوعيد، وهذه المرة من خلال التلويح بقدرة “أنصار الله” على شن عمليات أمنية داخل الأراضي السعودية كما فعل ويفعل مع إسرائيل وسوريا.
يوم تضامني
الحلقة الثالثة في سلسلة خطابات نصرالله عن اليمن والهجوم على عملية عاصفة الحزم، جاءت في 17 أبريل 2015 بمناسبة دعوة حزب الله ليوم تضامني مع اليمن ضد عاصفة الحزم، وقد استغل نصرالله هذه المناسبة لمتابعة هجومه على المملكة العربية السعودية وقياداتها التاريخيين، واختار هذه المرة التركيز على مسألة العروبة بعد أن فشلت مسألة استثارة العالمين العربي والإسلامي من بوابة القضية الفلسطينية، وقد استخدم هذه المرة المدخل المذهبي لمهاجمة الدعوة للدفاع عن الحرمين الشريفين، إضافة إلى مدخل التهويل على الأقليات الدينية في المنطقة من خلال محاولة الربط بين التنظيمات الإرهابية التي تنكل بهذه الأقليات في المنطقة والدول العربية خاصة السعودية، متناسيا الدور الذي تلعبه الرياض في محاربة هذه الجماعات في كل من اليمن والعراق والأردن، ومتغاضيا عن المعركة المفتوحة التي تخوضها القيادة السعودية ضد هذه الأفكار والأثمان البشرية والأمنية والاقتصادية التي دفعتها في الداخل والخارج في هذه المعركة المفتوحة.
نصرالله في خطابه الثالث اعترف بالتداعيات الخطيرة التي ستخلفها عاصفة الحزم على المنطقة، خاصة الدور الإيراني وامتداداته، لذلك حصر على تقديم إيران على إنها المبادرة والحريصة على بناء جسور الحوار مع المملكة السعودية، متناسيا في الوقت نفسه أعراض القيادة الإيرانية الجديدة (رئيس الجمهورية ووزير خارجية) عن تلبية الدعوات الواضحة والصريحة التي وجهت من الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الرئيس حسن روحاني لزيارة المملكة، ومثلها دعوة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل لنظيره محمد جواد ظريف، بهدف تهدئة الأمور ووضع أسس لحوار راسخ حول قضايا المنطقة بالشراكة والمشاركة بينهما.