قالت مصادر سورية مطلعة إن نزيفا بشريا كبيرا تعاني منه المناطق “الموالية” للنظام السوري كان أحد أهم أسباب الاستعانة بالإيرانيين أولا ومن ثم بالروس.
وأشارت المصادر إلى أن مناطق الساحل السوري استنفدت إلى حد كبير عسكريي الرتب الدنيا من جنود وضباط صف وأن مؤشرات الخسائر الأخيرة تشير إلى أن كبار الضباط في الجيش السوري صاروا يقاتلون كجنود مشاة في الخطوط الأمامية للحرب في عدد من الجبهات.
وغطت صور الجنود القتلى الحيطان القريبة من الساحات العامة في مدن الساحل بطريقة غير مسبوقة في حين تمتلئ صفحات الجرائد المحلية بإعلانات النعي لجنود وضباط كبار سقطوا في المعارك الأخيرة في جبهات تمتد على جميع الأراضي السورية.
وتشير صفحات على الشبكات الاجتماعية أطلقها ناشطون مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد إلى تغير نوعي في قتلى الجيش السوري وأن عددا من كبار الضباط سقطوا في المعارك الأخيرة.
وبعد أن كانت صفحات “شهداء اللاذقية” و”القرداحة عرين الأسود” و”شهداء طرطوس” تنعى المقاتلين من الرتب العسكرية البسيطة، صارت تزدحم بقتلى من حملة رتب لواء ركن وعميد ركن وعقيد ركن ومقدم وأعداد كبيرة من رتب رائد ونقيب وملازم.
ولا تتناسب الأعداد الأخيرة من القتلى من أصحاب الرتب العليا مع النسب العالمية التي نادرا ما تشهد سقوط ضباط من رتب عليا في المعارك.
وأرجع مصدر عسكري سوري رفض الكشف عن اسمه ارتفاع نسبة القتلى من الضباط الكبار إلى أن عددا كبيرا من المجندين من منطقة الساحل قتلوا في المعارك خلال السنوات الماضية كما أن تركيبة الجيش السوري كانت تعتمد على تجنيد السنة برتب دنيا في حين يحتل الضباط العلويون الرتب العليا وقيادات الوحدات العسكرية.
وأدت الحرب الأهلية السورية إلى انقسام كبير دفع السنة إلى عدم الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو الهروب منها أو الالتحاق بقوات المعارضة بمختلف تنويعاتها.
وانعكس نزيف الرتب الدنيا من “الموالين” وهروب “الممتنعين” أو “المعارضين” على الوحدات العسكرية المقاتلة التي صارت لا تجد من يقوم بواجباتها إلا الضباط الكبار.
وقال المصدر إن النظام استعان مؤخرا بالضباط غير القتاليين في أسلحة الإدارة والهندسة مما أدى إلى سقوط عدد منهم بين قتيل وجريح مما يعكس حالة الطوارئ التي يعانيها الأسد.
وأضاف أن قوات حزب الله التي دخلت معارك سوريا منذ أكثر من سنتين، بدأت تعاني من الإرهاق خصوصا في الجبهات الشمالية التي لم تتمكن من إحداث أي اختراق فيها على عكس انتصارات محدودة الأثر في جبهات الجنوب والمناطق المحيطة بدمشق.
وتعاني قوات حزب الله من صعوبة الحركة وضعف الدعم اللوجستي وهو الأمر الذي لم تتمكن القوات الإيرانية المساندة من تحقيقه.
ولجأت إيران إلى إرسال مستشارين عسكريين من الحرس الثوري بخبرات عسكرية واسعة اكتسبوها من سنوات الحرب العراقية الإيرانية وحرب الميليشيات في العراق، لكنها سرعان ما اكتشفت أنها في حاجة إلى الاستعانة بقوات مقاتلة لم تحقق بدورها الكثير على الأرض.
وقال المصدر إن إيران كسرت في سوريا “تابوه” المشاركة العسكرية المباشرة الذي اختطته لنفسها بعد خسارتها لأكثر من مليون جندي في حربها مع العراق وقرارها بأن تحارب في المنطقة عبر تجنيد الميليشيات كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن.
وخلص خبراء روس أجروا مقابلات شخصية مع العديد من الضباط السوريين الكبار إلى أن الوضع في الجبهات سيء جدا وأن مناطق عدة قد تسقط بسهولة رغم وجود ميليشيا حزب الله ومتطوعين أفغان وعراقيين وإيرانيين.
وجاءت توصية الخبراء حاسمة في القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال قوات روسية للقتال إلى جانب الجيش السوري خصوصا عبر دعم الدفاعات السورية بهجمات جوية توجهها طائرات روسية ضد تحالفات للمعارضة يمثل الإسلاميون العمود الفقري لها.
وساعد الدعم الجوي الروسي قوات الأسد على أخذ زمام المبادرة في بعض الجبهات لكن سرعان ما تمكنت القوات المعارضة من استعادة زخم هجماتها.
وقال المصدر إن عددا من كبار الضباط العلويين قتل في الهجمات الأخيرة التي شنها الجيش السوري على مناطق تسيطر عليها المعارضة مما شكل انتكاسة لجهود الأسد في تقوية وضعه في أي مفاوضات محتملة للخروج من الأزمة.
العرب