نزح الآلاف من مدينة الحسكة السورية (شرق) بعد تعرض المنطقة لقصف مكثف من قبل التحالف الدولي
، الذي يشكل غطاء جويا للحملة التي أطلقتهاقوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل الوحدات الكردية الثقل الأساسي فيها- للسيطرة على مدينة الشدادي.
ونقل مراسل الجزيرة نت في الحسكة عمر سلطان عن مصدر محلي قوله إن موجة النزوح بدأت مع مقتل عشرة مدنيين جراء القصف الجوي الذي استهدف القرى المحاذية لجبل عبد العزيز بريف الحسكة، مما أجبر أهالي هذه القرى على الفرار باتجاه البادية السورية جنوبا.
وأوضح أن طيران التحالف بدأ قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاثة أيام من بدء الحملة البرية لقوات سوريا الديمقراطية، وأوضح أن آلاف النازحين يعانون من نقص حاد في الطعام والماء والأدوية في العراء، مع وجود عدد كبير من الأطفال والمسنين والمرضى.
وقال الصحفي مضر الأسعد إن أكثر من 130 ألف شخص نزحوا باتجاه البادية الشرقية والغربية وريفدير الزور، من مدينة الشدادي وريفها، تخوفا من أعمال انتقامية قد ترتكبها الوحدات الكردية بحق المدنيين، خاصة أن مئات العائلات تم تهجيرها قسرا في السابق من مناطق انتشار الإدارة الذاتية (مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب)، ومن حي غويران في مدينة الحسكة.
ظروف مأساوية
ويعيش النازحون ظروفا مأساوية في حالة انقطاع تام عن العالم، وسط غياب أدنى متطلبات الحياة، بينما يهيم قسم كبير منهم في البادية.
وأكد الناشط كنان الحسكاوي للجزيرة نت أن قسما كبيرا من المدنيين ما زال عالقا داخل مدينة الشدادي -التي تضاربت الأنباء حول الطرف الذي يسيطر عليها إلى اليوم- ويعيش هذا القسم حصارا خانقا، في غياب كامل لسبل الحياة.
وأقدمت قوات سوريا الديمقراطية على اعتقال عشرات المدنيين، بعد تقدمها وسيطرتها على عدد من القرى، وفق الناشط السوري الذي أكد أن “كل من له لحية يتم اعتقاله بحجة أنها دليل على انتمائه لتنظيم الدولة”.
وأشار الحسكاوي إلى أن التنظيم كان يفرض على الأهالي عدم قص اللحى وشعر الرأس، متهما قوات سوريا الديمقراطية بتنفيذ إعدامات بحق أشخاص مدنيين بعد اعتقالهم، وفق الناشط.
بدورها، قدمت قوات سوريا الديمقراطية، في بيان رسمي لها، تطمينات للأهالي، وخاطبتهم قائلة إنها جاءت “لإنقاذهم من إرهاب تنظيم الدولة، داعية إياهم إلى مساندتها في معركتها ضد التنظيم”.
الحسم العسكري
في الأثناء، لم يُحسم الموقف العسكري بعد في مدينة الشدادي، حيث لا تزال تدور معارك كر وفر في محيطها بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية، الذي خسر مواقع داخل المدينة الجمعة إثر معارك ضد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من طيران التحالف الدولي، وفقا لمراسل الجزيرة نت أيمن الفراتي.
وكانت مدينة الشدادي التي تقع إلى جنوب مدينة الحسكة بنحو ستين كيلومترا تعد أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث انتزع السيطرة عليها في مايو/أيار 2014، من فصائل تابعة للجيش السوري الحر كانت طردت قوات النظام منها في فبراير/شباط 2013.
وتكتسب الشدادي أهمية اقتصادية كبرى كونها تضم ثاني أكبر حقول النفط في محافظة الحسكة بعد حقول رميلان، وهو حقل الجبسة الذي يضم نحو خمسمئة بئر نفطي، فضلا عن معمل الشدادي للغاز الحر وكان من الموارد المالية المهمة للتنظيم، الذي لم يبق له في محافظة الحسكة إلا بلدة مركدة التي تبعد نحو 45 كيلومتر جنوب الشدادي.
ويعتقد مراقبون بأن السبب الرئيسي وراء سعي قوات سوريا الديمقراطية للسيطرة عليها هو وضع يدها على ثروة المنطقة النفطية، ولكن بسام إسحق عضو المكتب السياسي لمجلس سوريا الديمقراطية يؤكد أن هناك أسبابا مختلفة.
وأضاف في حديث مع الجزيرة نت أن المدينة كانت مركز التنظيم جنوب الحسكة، وهذا ما دفعنا للسيطرة عليها، مشيرا إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى “لتحرير سوريا” من التنظيم وأخواته، على حد تعبيره.
الجزيرة