نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الخطوة الجريئة التي قام بها الناشط السوري منصور العمري، وذلك لتوثيق ما شاهده في سجون نظام الأسد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الناشط السوري منصور العمري، اعتقل من نظام الأسد في شباط/ فبراير 2012، وأمضى سنة كاملة في السجن.
وخلال تلك الفترة، حرص العمري رفقة زملائه على توثيق أسماء السجناء، حتى يتمكن من إخبار أهاليهم بوجودهم هناك، ونقل الفظائع التي تحدث داخل السجن.
وذكرت الصحيفة أن هذا الناشط السوري قضى تسعة أشهر في منشأة تخضع لإشراف ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد.
وفي هذا السجن الذي بني تحت الأرض، قام العمري وأربعة من زملائه بتسجيل أسماء جميع السجناء، الذين وصل عددهم إلى 82 شخصا، وتوثيق كل الجرائم الوحشية وعمليات التعذيب والقتل التي طالت المعتقلين في ذلك المكان.
وأوردت الصحيفة تصريحات العمري، الذي أفاد بأنه “عندما كنت أقبع في ذلك السجن رأيت بأم عيني ومباشرة العديد من الأهوال، ولذلك شعرت أنه من واجبي أن أنقل ما شاهدته”.
وفي الأثناء، تمكن العمري من تسجيل أسماء المعتقلين على قميص، ومن ثم تهريبه عند خروجه من السجن.
وفي الوقت الراهن، نقلت أجزاء من هذا القميص إلى متحف “الهولوكوست” التذكاري، الذي يقع في الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف عرضه في واشنطن.
وقام العمري وأصدقاؤه بقص أجزاء من القمصان التي كانوا يرتدونها بكل سرية، والكتابة عليها باستخدام الدماء والصدأ معتمدين على عظام الدجاج، أداة للقيام بذلك.
وفي هذا الإطار، لجأ العمري وأصدقائه إلى استخدام الدم الذي كان ينزف من لثتهم العليلة، بعد خلطه برقائق الصدأ التي تغلف قضبان الحديد في السجن، لتسجيل أسماء المعتقلين.
ونقلت الصحيفة عن العمري، الذي يبلغ من العمر 37 سنة قوله: “قمنا بتلك المهمة بشكل سري تقريبا. فلم نكن نرغب في أن يعرف أشخاص آخرون ما نحن بصدد القيام به، نظرا لأنه كان هناك احتمال أن يخبر بعضهم الجنرال، ما سيشكل خطرا علينا”.
وأوضح العمري: “كنا نتجه صوب بعض المجموعات، ونجلس معهم لأخذ أسمائهم”.
الجدير بالذكر، أن علماء الآثار في المتحف يبحثون عن أفضل السبل للحفاظ على قطع القماش.
وتعليقا على الأمر، قالت جاين كلينغر، رئيسة علماء الآثار في المتحف، إن “فريقي يتطلع إلى بناء حاويات بغية الاحتفاظ بهذه الوثائق، وربما ستكون من زجاج شبكي مزود بأضواء فوق بنفسجية”.
ومن المثير للاهتمام، أن منصور العمري حريص على التطلع إلى الجانب المشرق للحياة، على الرغم من كل ما حدث معه وما رآه في ذلك السجن.
وكان العمري يكتب على دفتره دروسا في الصحافة والشعر، ليقدمها فيما بعد للمساجين غير المثقفين، فضلا عن أنه كان يقدم لهم دروسا في اللغة الإنجليزية، حتى يستطيعوا الاستفادة منها بعد خروجهم من ذلك المعتقل.
وفي هذا الصدد، صرح بأن “جميع السجناء كان لهم متسع من الوقت في ذلك المكان، ولم يكونوا يستطيعون القيام بأي شيء لملء ذلك الفراغ. ولذلك كانوا يتمتعون بالوقت الكافي للقيام بالعديد من الأنشطة المفيدة”.
وتطرق إلى كيفية ابتكار السجناء لأجهزة التلفزيون، وذلك من خلال وضع ورقة بيضاء، والتناوب للقيام ببعض العروض أمامها.
وأضاف العمري: “تمكنت من إقناع المساجين أنهم محتجزون، ولا يمكن أن يعرفوا إلى متى سيبقون رهن الاعتقال. بالتالي، يمكنهم تعلم لغة جديدة من شأنها أن تساعدهم على التعامل مع محيطهم عندما يتم الإفراج عنهم”.
وأكدت الصحيفة أن العمري، الذي يعيش في الوقت الراهن في السويد، شدد على أن حوالي 100 ألف شخص تحتجزهم القوات النظامية في سوريا.
علاوة على ذلك، يعتقد العمري بأن نصف السكان قد نزحوا من البلاد منذ انطلاق الحرب، أي منذ أكثر من ست سنوات.
وأوردت الصحيفة أنه تم اعتقال منصور العمري بحجة “اتصاله ببعض الكيانات الأجنبية”، ناهيك عن تهم أخرى.
وعلى الرغم من أن أسباب الإفراج عنه لا تزال غير واضحة، ولكن من المرجح أن الضغوط التي سلطتها بعض الأطراف الأجنبية على النظام ساهمت في إطلاق سراحه.
نقلاً عن : عربي21