مسجد بلا مئذنة!، مشفى بلا طبيب!، مريض بلا دواء!، شتاء بلا وقود!، ليل بلا كهرباء!،مؤسسات بلا كوادر عمل!، ولكن إياكم أن تقولوا :”شعب بلا أمل، هنا سوريا”، هكذا خاطب أبو محمود جميع السوريين ليساهموا في بناء الوطن، ويقوموا بأداء أدوارهم السابقة لإتمام مسيرة الحياة، فأمل السوريين في الداخل يولد من رحم الألم، فما حال أولئك الشباب الذين وجدوا بالدول الأوربية وطنا يحقق أحلامهم، وتركوا بلدهم يخوض معركة الصمود والبقاء؟؟.
يتنهد أبو محمود الخمسيني في عمره من مدينة حمص ويتابع حديثه صحيح أن النظام بقصفه دمر الحجر وقتل مئات الآلاف من البشر، لكن هنالك حياة وأناس لا يزالون يعيشون داخل سوريا، فمشاهد الدمار وقصص الشهداء جزء من حياتنا اليومية تجعلنا في إصرار دائم للإطاحة بذلك النظام الأسدي واعمار سوريا من جديد بهمة شبابها، فبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان 350 ألف شهيد مدني سقطوا خلال الحرب.
يسترسل حديثه إن النظام باستخدامه سياسة الأرض المحروقة لم يترك بقعة آمنة للعيش فيها، فظلام مخيم بالأرجاء نتيجة تدمير معظم الأبراج الكهربائية المغذية للإنارة، وارتفاع بالأسعار لكافة المواد والمستهلكات سواء الغذائية أو الصناعية وغيرها كالمحروقات مثلا، جعلني أنا وأمثالي نبني فسحة أمل بأنفسنا داخل حي الوعر الحمصي المحاصر من قبل النظام منذ أكثر من سنتين إلى الآن، فما زلنا نقاوم برد الشتاء القارص وعتمته الطويلة، ونواظب العمل بأي وسيلة متاحة وأي عمل كان نجني من ورائه ما يسد رمق أطفالنا دون الابتعاد شبر واحد عن أرضنا وبلدنا.
60%من مشافي سوريا مدمرة، مئات الأطباء بين شهيد ومعتقل ومفقود ومهاجر، 10% من النقاط الطبية ليست صالحة للعمل في محافظة حمص وحدها، بحسب منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، كلها مواجع جعلت أبو محمود مستاء من كل شاب كان فعال على الأرض السورية وهاجر، يضيف، لم أتخيل يوما ما أن أرضنا الحبيبة ستحارب ويسفك دماء شعبها من قبل ما يسمي نفسه رئيسا لها، لكن الأغرب من هذا أولئك الذين تخلوا عن بلدهم وهي بمرحلة حرجة وبأمس الحاجة لكل أبنائها الموجودين داخلها، وحتى مجيء المغتربين والجالية السورية منذ زمن بعيد، فإن بعودتهم وتكاتفهم مع البقية يشكلون صفاً مرصوصاً يواجه كل التحديات.
يستمر أبو محمود بحرقة قلب تلتمسها من نبرة صوته، إن الإيمان داخلنا برب العالمين والالتزام بالدين، هو ما يدفعنا للقيام بالصلاة في مواعيدها رغم أن الآذان لم يصدح في مسامعنا منذ زمن بعيد كما كان، فلا مئذنة شامخة حولنا بقيت ولا جامع كبير وصغير إلا وتدمر كليا أو جزئيا بصواريخ الحقد البعثية، علما أن أكثر من 1500 مسجد في سوريا مهدوم بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يضيف أبو محمود رغم تعايشنا مع هذه النكبات مجتمعة، إلا أننا بخير أمام تلك المصائب التي واكبها إخواننا في أحياء البياضة والخالدية أثناء فترة حصارهما من قبل النظام سابقا، فالمباني الحكومية إن وجدت غير مدمرة عانت من عدم توفر الكوادر الإدارية، فمدرسة لاوجود لأستاذ فيها، وفرن من غير خباز، ومؤسسة مياه وكهرباء تفتقد الموظفين، كلها أزمات زادت الهم في نفوس الأفراد، فإن أكثر من 70% من البنية التحتية مدمرة بشكل كلي أو جزئي، كما ذكرت منظمة ” الاسكوا”.
يختم حديثه بقوله:” أي فائدة تبقى من أرض وبلد بلا شعب هجر نصفه وبقي نصفه الآخر بين شهيد وجريح ومفقود ومسلح، ألم يدرك الشعب السوري هو تواجده على الأرض السلاح والذخيرة بوجه أي معتدي سواء كان النظام السوري أم لبناني وعراقي وإيراني؟؟، وأن استمرار الحياة داخل المدن السورية المحاصرة كالغوطة الشرقية بريف الشام، يجب أن يبعث التفاؤل بقلوب كل مغترب ليعود ويساعد بإشعال الأنوار المنطفئه في بلده من جديد”.
محار الحسن المركز الصحفي السوري