سياسات المستشارة الألمانية تجاه المهاجرين تلقي بظلالها على نتائج الانتخابات غداة هزيمة حزبها.
أقرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الاثنين إن بلادها “تستفيد” من إغلاق طريق البلقان أمام المهاجرين، مشددة على أنه ليس حلا “دائما” لإزمة الهجرة في أوروبا وذلك وسط تأكيد حكومتها مواصلة سياستها حول اللاجئين.
وقالت المستشارة “لا جدل في أن ألمانيا تستفيد (من إغلاق طريق البلقان) لكن ما نراه كل يوم في الصور الوافدة من اليونان تثبت أن هذا الحل ليس دائما”، وذلك في حديث مع الصحافيين غداة هزيمة حزبها في الانتخابات المحلية التي أتت بالموازاة مع اختراق للشعبويين نتيجة المعارضة المتزايدة لفتح الأبواب أمام اللاجئين.
غير أنها أكدت إنها ستواصل استراتيجيتها لإبطاء تدفق اللاجئين بعد وصول 1,1 مليون طالب لجوء في 2015، التي تستند إلى سياسة أوروبية مشتركة لتعزيز أمن الحدود الخارجية للاتحاد والتعاون مع تركيا لوقف توافد المهاجرين.
وأكد المتحدث باسم المستشارة ستيفن سيبرت “أن الحكومة الفدرالية تواصل بكل قوتها نهجها في سياستها المتعلقة بالمهاجرين على المستوى الوطني والدولي”.
وتابع “بعض المسائل تم تنفيذها، ويبقى تنفيذ مسائل أخرى. الهدف هو في كل الأحوال إيجاد حل أوروبي مشترك وطويل الأمد يؤدي إلى انخفاض أعداد اللاجئين”.

من جهته، اعتبر زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي هورست سيهوفر، الحليف البافاري للاتحاد الديمقراطي المسيحي، أن “الرد” على الهزيمة الانتخابية “لا يمكن أن يكون: سنستمر كالسابق”.
وأفادت وسائل الإعلام الألمانية أن المستشارة ليست مهددة فعلا رغم هزيمتها الانتخابية لغياب منافس حقيقي في صفوف حزبها، وبالتالي لا مبرر في هذه المرحلة لتغيير سياستها في ظل عزلتها في أوروبا.
وكانت سياسة استقبال طالبي اللجوء التي اعتمدتها ميركل الصيف الماضي في صلب النقاشات الانتخابية وتثبت النتائج الاستثنائية التي حققها “البديل من أجل ألمانيا” في المقاطعات الثلاث (بين 12 و24 بالمئة) حجم المعارضة التي تواجهها.
والتقدم الكبير الذي حققه حزب البديل من أجل ألمانيا الذي كثف هجماته الكلامية ضد المهاجرين، يشكل سيناريو غير مسبوق منذ 1945 في بلد يسعى دائما إلى المثالية الأخلاقية بعد ماضيه النازي.
لكنه يندرج في إطار أوروبي أوسع يشهد تعزيز شعبية حركات اليمين المتشدد من المملكة المتحدة إلى سلوفاكيا.
وقالت صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ “لم يدخل أي حزب سياسي من قبل الساحة السياسية بهذا القدر من الصخب. ومن ينظر إلى باقي أوروبا يدرك أن «البديل لألمانيا» لن يختفي ببساطة”.
وإذ ترفض المستشارة الألمانية إغلاق حدود بلادها كما يطالب اليمين الشعبوي وقسم من المحافظين، تواصل السعي إلى حلول على المستوى الأوروبي لاستقبال اللاجئين وباتجاه اتفاق مثير للجدل بين تركيا والاتحاد الأوروبي لا يزال قيد المناقشة قبل قمة مرتقبة يومي 17 و18 مارس الجاري.
ويؤكد مراقبون أن هذه النتائج ستضع ميركل في موقع صعب على المستوى الأوروبي حيث أن رفضها إغلاق أبواب الاتحاد الأوروبي أمام تدفق اللاجئين وخصوصا السوريين الفارين من الحرب، كان موضع انتقادات شديدة من قبل دول أعضاء عدة.
وكتبت صحيفة “بيلد” الشعبية أنه يتعين على الحزبين اللذين يهيمنان على الحياة السياسية الألمانية “تضميد الجروح” بعد “هذا الاختبار المهم حول سياسة الهجرة”.
سياسات ميركل تجاه اللاجئين تنعكس سلبا على نتائج حزبها في الانتخابات الأخيرة، ما فتح الباب على مصراعيه أمام حلفاء لها لدفعها إلى مراجعة تلك السياسات غير أن المستشارة الألمانية تبدو في طريقها لمواصلة برنامجها دون الرضوخ لشتى الضغوط.