نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن استراتيجية الأردن في التعامل مع الأزمة السورية المندلعة منذ عام 2011.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته “عربي21“، إن تكهنات ظهرت مؤخرا حول التدخل العسكري الأردني في سوريا، خصوصا بعد التمرين العسكري المشترك بين الأردن والولايات المتحدة، الذي انعقد تحت عنوان “الأسد المتأهب” في عمان في مايو/ أيار الماضي.
“هذا، بالإضافة إلى التصريحات القاسية بين عمان ودمشق، وزيادة التوتر بين وكلاء أمريكا وإيران في سوريا، وهو ما دفع البعض للاعتقاد بأن هذه التصرفات تأتي كجزء من سياسة ترامب العدوانية تجاه بشار الأسد وإيران، والذي قد يفضي لأن يقوم حليفه الهاشمي بفتح جبهة جديدة جنوب سوريا”.
وقال الموقع إن الأردن نفى سريعا هذه التوجهات، ولأسباب وجيهة؛ “فهذا يعني التخلي عن سياسة الحذر تجاه الحرب الأهلية السورية”.
واعتبر أن الأردن لعب دورا أكثر ذكاء من معظم جيران سوريا، بعدما عزل نفسه عن الصراع الذي دام ست سنوات. وقد تلقت الدول المجاورة الأربع ذات الحدود المفتوحة قبل الحرب -تركيا والأردن والعراق ولبنان- أعدادا هائلة من اللاجئين، فيما شهدت التجارة تراجعا حادا، ولكن العنف امتد”.
وشهد كل من العراق وتركيا معارك مع تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني. وشهد لبنان قتالا متقطعا على طول حدوده.
في حين واجه الأردن هجمات إرهابية من تنظيم الدولة، ونجا إلى حد كبير من القتال في أماكن أخرى.
رقابة صارمة على الحدود
تختلف الظروف المحلية على طول المناطق السورية التي تجاور كل دولة، ولكن مدى اختراق الحدود أثر على مدى التدفق (الأشخاص والسلاح).
وقال: “العراق ولبنان دولتان ضعيفتان، عانتا بقوة من منع الأفراد من العبور إلى البلاد وخارجها. واختارت تركيا دعم القوات المسلحة المناهضة للأسد في وقت مبكر من الحرب، أو غض الطرف عن تحركاتهم، أو تشجيع المقاتلين للذهاب لسوريا. العديد من هؤلاء سيذهبون للانضمام إلى تنظيم الدولة أو “جبهة النصرة”، بينما يستفيد “حزب العمال الديمقراطي” من حزب العمال الكردستاني السوري”.
وأضاف: “وعلى النقيض من ذلك، فإن الأردن، في الوقت الذي دعم فيه المعارضة، سيطر على حدوده بشكل أكثر حزما، وحاول جاهدا أن يدقق في الأشخاص الذين عبروا الحدود. ونتيجة لذلك، وخلال ست سنوات، بقيت قوات المعارضة السورية المعتدلة قوية نسبيا في جنوب سوريا، بينما كانت في الشمال، إلى حد كبير، تخضع لجماعات متطرفة مثل تنظيم الدولة والقاعدة”.
وتابع: “على النقيض من تركيا، التي رأت أن الحرب السورية والربيع العربي فرصة لتوسيع نفوذ أنقرة الإقليمي، سعى الملك الأردني عبد الله للنجاة منها. وشهدت السنوات الست الماضية موازنة الأردن بعناية بين المخاوف الأمنية والمخاوف الداخلية من جهة، ومطالب حلفائه الدوليين الرئيسيين الذين كان العديد منهم معارضا للأسد بشدة من جهة أخرى”.
وفي أواخر العام الماضي، قام تنظيم الدولة بتدبير هجوم له في الأردن، عندما قتل 10 أشخاص في الكرك، في حين قتل ستة جنود في هجوم على الحدود في الصيف الماضي.
وانضم الأردن، على نحو غير مفاجئ، إلى التحالف الأمريكي المناهض لتنظيم الدولة حال تشكيله في عام 2014، وعلى عكس دول الخليج التي خفضت دورها في وقت لاحق، بقي الأردن نشيطا.
ويشير “ميدل إيست آي” أنه وعلى عكس تركيا التي كانت بطيئة في الاعتراف بالتهديد من تنظيم الدولة، كان الأردن يخشى من تحركات المتطرفين، الأمر الذي دفع الأردن لاتخاذ سياسة أكثر تشددا في التعامل مع حدودها.
المساعدات
واستقبل الأردن 1.4 مليون لاجئ سوري، 660،000 مسجل لدى الأمم المتحدة، أغلبهم من مناطق فقيرة من سوريا، يجهدون الموارد، ويتنافسون على العمل مع السكان المحليين في الأردن. وفاقم ذلك إغلاق الطرق التجارية السورية والعراقية، ما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة في الأردن منذ عقود.
ومع ذلك، حاول الأردن تحويل الوضع إلى مصلحته. واستفاد من وجود اللاجئين؛ سعيا للحصول على مساعدات دولية أكبر.
وفي الآونة الأخيرة، في عام 2016، عقد مؤتمر رئيسي للمانحين، وتبرعوا بمبلغ 1.7 مليار دولار، بشرط منح الأردن المزيد من تصاريح العمل للاجئين.
وقد بدا أن عمان نجحت حتى الآن في الاستفادة من أزمة اللاجئين لمصلحتها بدلا من أن تكون عبئا عليها.
الرقص الدقيق
ولعل التحدي الأكبر من حرب سوريا هو إدارة العلاقات الدولية الأردنية، خصوصا فيما يخص التوجهات السعودية والولايات المتحدة.
فقد حاول الحلفاء توجيه عمان إلى اتجاهات مختلفة. “وأشار باراك أوباما إلى أن الملك عبدالله حذر من تسليح المتمردين السوريين، إلا أن المملكة العربية السعودية ضغطت على الأردن لبذل المزيد من الجهود”.
ويوضح الموقع أن النتيجة كانت “رقصة دقيقة” من الأردن، ما سمح بمرور بعض الأسلحة للجانب السوري، فضلا عن تدريب بعض قوات المعارضة من خلال مركز العمليات العسكرية الذي تقوده وكالة المخابرات المركزية في عمان، ولكنهم يقاومون أي جهود للتدخل المباشر أو فتح الحدود أكثر.
والآن تحت قيادة دونالد ترامب، “يبدو أن السعوديين والبيت الأبيض أكثر اتساقا، حيث يتم النظر إلى إيران كتهديد رئيسي. والولايات المتحدة تريد استخدام الأردن كقاعدة لإحباط خطط طهران على طول الحدود السورية”.
وتحدث الموقع أنه “قد وصل التعاون الإسرائيلي – الأردني إلى آفاق جديدة خلال الصراع السوري. وشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية عن الجماعات المسلحة والأسد وحزب الله، وعرض مشترك للقوة الجوية لردع الطائرات الروسية من جنوب سوريا”.
وأردف بأن “الأردن اشتكى من أن إسرائيل تتجاهل، بل وربما تساعد مجموعة تابعة لجبهة النصرة بالقرب من مرتفعات الجولان المحتلة. وفي حين أن إسرائيل قد ترى هؤلاء الجهاديين بمثابة ثقل موازن لحزب الله، فإن عمان ترى تهديدا”.
وفي الوقت نفسه، فإن روسيا -حليفة الأسد والعدو لأمريكا- تحتفظ بعلاقات أكثر غموضا مع عمان. وقد تحسنت العلاقات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية.
وختم بقوله إنه: “من الناحية العملية، مع تدخل فلاديمير بوتين إلى جانب الأسد، تعرف عمان أن موسكو ستكون وسيط النظام في أي اتفاق سلام، في حين أن روسيا تعرف أن الأردن سيكون مفتاحا لأي صفقة لعقدها في الجنوب”.
عربي 21