قصفت روسيا مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا الخميس كما قصفت القوات السورية ضاحية في العاصمة الخميس قبل الوقف المزمع للقتال والذي توقعت المعارضة المسلحة أن تتجاهله دمشق وموسكو.
ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ اتفاق وقف الاقتتال الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وروسيا منتصف ليلة الجمعة السبت، لكن معارضي الرئيس بشار الأسد يقولون إنهم يتوقعون أن تواصل الحكومة هجومها بوصفها لمقاتلي المعارضة بأنهم من مسلحي القاعدة الذين لا تشملهم الهدنة.
ووافقت دمشق على الاتفاق كما وافق تحالف المعارضة الرئيسي عليه على الرغم من أنه أبدى استعداده للالتزام بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين بالنظر إلى تحفظات المعارضة القوية على الاتفاق. لكن الحكومة وحلفاءها سيسمح لهم بمواصلة الضربات ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتقول الحكومة أيضا إن الاتفاق يمكن أن يفشل إذا أمدت الدول الأجنبية المعارضة بالأسلحة أو إذا استغلت المعارضة الهدنة لإعادة التسلح.
وتركز القتال في الأيام الأخيرة قبل الهدنة على داريا وهي ضاحية محاصرة بالعاصمة يسيطر عليها مقاتلون تصفهم الحكومة بأنهم متشددون من جبهة النصرة لكن مسلحي المعارضة يقولون إنهم من جماعات أخرى وعلى الشمال الغربي قرب الحدود التركية.
وحولت أربعة أشهر من الضربات الروسية دفة القتال لصالح الأسد في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات والتي قتلت أكثر من 250 ألف شخص وتسببت في أسوأ أزمة لاجئين في العالم.
واجتذبت الحرب الأهلية المتعددة الأطراف أغلب القوى الإقليمية والدولية حيث شكلت دول غربية وعربية وتركيا تحالفا ضد الدولة الإسلامية في نفس الوقت الذي تدعم فيه هذه الدول مسلحي المعارضة الساعين للإطاحة بالأسد الذي تدعمه روسيا وإيران.
براميل متفجرة
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش أسقطت 30 برميلا متفجرا على الأقل على داريا الخميس. ويقول معارضو الأسد إن الجيش يسقط براميل مملوءة بالمتفجرات والشظايا لتتسبب في أضرار عشوائية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وتوقع متحدث باسم المعارضة المسلحة في الجنوب أن تكون ضاحية داريا أول مكان تنهار فيه الهدنة.
وقال أبو غيث الشامي المتحدث باسم جماعة ألوية سيف الشام وهي جزء من تحالف للمعارضة المسلحة في الجنوب إن الحكومة تريد استغلال وقف إطلاق النار وتركيز نيرانها على داريا للسيطرة عليها مضيفا أن المعارضة لن تقبل مثل هذا الانتهاك.
وأشار مصدر عسكري سوري إلى أن دمشق تعتزم مواصلة القتال في داريا على الرغم من الهدنة.
وقال المصدر العسكري إن هناك دليلا على أن جبهة النصرة موجودة هناك وإن القوات الحكومية ستواصل العمليات في أي مكان توجد فيه جبهة النصرة.
وتصاعدت حدة القتال في اليومين الماضيين في محافظة اللاذقية بشمال غرب البلاد والتي تنشط فيها جماعات الجيش السوري الحر المدعومة من أعداء الأسد الأجانب بالقرب من مناطق جبهة النصرة ومتشددين آخرين.
وقال فادي أحمد المتحدث باسم كتيبة الفرقة الساحلية الأولى المعارضة من المنطقة إن الحكومة تحاول استعادة السيطرة على شمال اللاذقية قبل 26 فبراير/شباط.
معارك شرسة بريف اللاذقية
وأضاف أن المعارك شرسة جدا وأن معارك عنيفة دارت الثلاثاء في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف اللاذقية.
وقال إنه لا يتوقع أن تلتزم الحكومة أو حلفاؤها الروس بالهدنة مضيفا أنه شاهد قبل دقائق طائرة روسية تقصف مناطقهم في ريف اللاذقية.
وقال المصدر العسكري السوري أيضا إن العمليات مستمرة حتى الآن في شمال اللاذقية قبل وقف الأعمال القتالية.
واستعادة مناطق في محافظة اللاذقية على الحدود مع تركيا أولوية قصوى للحكومة السورية وحلفائها منذ أن بدأت روسيا ضرباتها الجوية وهي واحدة من عدة مناطق حققت فيها الحكومة تقدما كبيرا هذا العام.
وأكد رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع ضربات جوية مكثفة في شمال اللاذقية الأربعاء والخميس.
وتوقع عبدالرحمن أن يعطي وجود جبهة النصرة وجماعات تتبنى فكرا مشابها لها الحكومة ذريعة لمواصلة الهجوم هناك بعد بدء تنفيذ الاتفاق.
ومن بين الأهداف الرئيسية لوقف الأعمال القتالية السماح بوصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين خاصة في المناطق المحاصرة التي قطعت عنها الإمدادات.
وقالت متحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن عملية إسقاط مساعدات غذائية جوا لنحو 200 ألف شخص محاصرين في مدينة دير الزور السورية قد فشلت الأربعاء حيث لحقت أضرار بكل الصناديق التي أسقطت بالمظلات أو سقطت في مناطق غير مأهولة أو لم يستدل عليها.
وقال يان إيغلاند مستشار الأمم المتحدة إن وقف الأعمال القتالية يمكن أن ينقذ المدنيين من “التهلكة” وينهي “فصلا أسود” من عمليات الحصار.
وقال الأسد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء إن حكومته مستعدة للمساعدة في تطبيق وقف القتال.
وأكد الرئيسان أيضا على أهمية مواصلة القتال دون هوادة ضد الدولة الإسلامية وجبهة النصرة والمتشددين الآخرين الذين لا تشملهم الهدنة.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما الأربعاء إنه حذر من الإفراط في التوقعات لكن إذا تحقق بعض التقدم فسيؤدي هذا لعملية سياسية لإنهاء الحرب.
لا خطة بديلة
ورد المسؤولون الروس على تصريحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري قال فيها إن واشنطن ستدرس “خطة بديلة” إذا فشل وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إنه ليست هناك “خطة بديلة”.
واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “بعض المسؤولين الأميركيين” بمحاولة “إفساد” خطة وقف إطلاق النار.
لكن بعد أكثر من خمس سنوات من الفشل في التفاوض على أي إنهاء للقتال ومع تدخل روسيا الذي كان له أثر حاسم على الأرض لم يتضح نوع الخطة البديلة التي قد تبحثها واشنطن إذا فشلت الهدنة.
وقال بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي وهو من الجمهوريين المنتقدين لإدارة أوباما متحدثا عن بوتين “أعتقد أنه يدرك أنه لا توجد خطة بديلة”.
وقال لمحطة ‘إم.إس.إن.بي.سي’ إن الروس “يهيمنون حاليا”. وأضاف “الأمر في يد الروس الآن بالكامل حاليا.”
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا إنه سيعلن الجمعة موعدا لجولة جديدة من المحادثات بين الأطراف السورية المتحاربة.
وعلقت المحادثات التي أجريت في فبراير/شباط قبل حتى أن تبدأ حيث قالت المعارضة إنها لا تستطيع التفاوض والقوات الحكومية تتقدم وروسيا تقصف.
وقالت وحدات حماية الشعب الكردية السورية الأربعاء إنها ستلتزم بخطة وقف القتال لكنها احتفظت بحقها في الرد إذا تعرضت للهجوم.
ووحدات حماية الشعب شريك هام على الأرض للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية لكنها تحارب أيضا جماعات معارضة أخرى في شمال غرب سوريا بالقرب من حلب.
وتعتبر تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي وحدات حماية الشعب عدوا لها وتصنفها ارهابية.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الخميس إن وقف إطلاق النار في سوريا لن يكون ملزما لبلاده إذا هدد أمنها، مضيفا أن أنقرة ستتخذ “الإجراءات اللازمة” مع وحدات حماية الشعب الكردية السورية وتنظيم الدولة الإسلامية إن تطلب الأمر.
ميدل ايست أونلاين