«الحياة»، رويترز، أ ف ب – أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، أن خبراء من روسيا وأميركا سيجتمعون في جنيف السبت للبحث في وضع حلب، وأن القوات النظامية السورية جمدت هجومها وسط أنباء تحدثت عن تجديد محاولاتها التقدم في عمق الأحياء الشرقية. وتداولت وسائل إعلام روسية معطيات عن تحضيرات جارية في جمهورية الشيشان لإرسال كتيبتين من القوات الروسية الخاصة الموجودة في الشيشان للمشاركة في «حرب شوارع» قد تشمل شرق حلب. ومساء، نقل الإعلام الروسي عن الوزير لافروف قوله إن الجيش السوري أوقف «العمليات العسكرية النشطة» في شرق حلب لأن جهوداً كبيرة جارية لإجلاء المدنيين من المنطقة. وعلّق البيت الأبيض على الموقف الروسي بالقول إن الولايات المتحدة «ستنتظر لترى» ما إذا كانت روسيا ستساعد فعلاً في تهدئة الهجمات في حلب. (للمزيد)
وتتجه الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، إلى تبني قرار بدعم دولي كبير توقع ديبلوماسيون أن يحصل على تأييد نحو ١٢٠ دولة، يتضمن «خطوات عملية تتعلق بالحماية الدولية للشعب السوري، سيكون على الأمين العام المقبل للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس أن يتولى تقديمها بنفسه».
واستطاعت المملكة العربية السعودية وقطر تعزيز مشروع القرار بعناصر متينة وجديدة لم تكن مدرجة فيه، بعدما بادرت كندا إلى وضع مسوّدته الأولية قبل نحو عشرة أيام، أبرزها مسألة تكليف الأمين العام «تقديم توصيات خلال ٤٥ يوماً حول الإجراءات العملية التي تؤمن الحماية الدولية للمدنيين السوريين»، فضلاً عن الدعوة إلى الوقف الكامل للقصف العشوائي وتطبيق وقف الأعمال القتالية ووصول المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المحاصرة.
وأكد ديبلوماسيون شاركوا في المفاوضات حول مشروع القرار، أن «الدعم الدولي سيكون كبيراً في الجمعية العامة، بناء على أجواء المفاوضات التي سادت خلال الأيام الأخيرة بمشاركة المجموعات الإقليمية في الأمم المتحدة».
ونص مشروع القرار «الكندي المعزز» على «تأكيد ضرورة اتخاذ الإجراءات لتأمين الحماية للمدنيين السوريين» وطلب «التوقف الكامل في شكل فوري لكل أشكال القصف العشوائي على المدنيين، وتطبيق وقف الأعمال القتالية فوراً بموجب قرار مجلس الأمن ٢٢٦٨ والوصول الآمن للمساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المحاصرة»، ويؤكد «ضرورة المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سورية التي تعد انتهاكات للقانون الدولي، وبعضها يرقى إلى جرائم حرب وضد الإنسانية، إن على مستوى العدالة الوطنية أو الدولية».
في جانب آخر، قال ديبلوماسيون في مجلس الأمن إن المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا «يواجه وضعاً حرجاً في تسويق مقترحاته، في ضوء الانقسام العميق داخل مجلس الأمن وإصرار روسيا على اعتماد الخيار العسكري إلى جانب دمشق».
وكان منتظراً أن يقدم دي مستورا مساء أمس، إحاطة إلى المجلس بعد سلسلة من اللقاءات التي أجراها خلال اليومين الماضيين في نيويورك.
ميدانياً، واصلت القوات النظامية مدعومةً من الميليشيات الموالية، تقدمها في الأحياء الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة فصائل المعارضة شرق حلب. وفيما وجّهت منظمة الدفاع المدني السوري (القبعات البيض) نداء إلى المنظمات الدولية لحماية متطوعيها وتوفير ممر آمن لهم أمام تقدم القوات النظامية في المدينة، نددت منظمة «سايف ذا تشيلدرن» غير الحكومية، بتحول «عشرات آلاف الأطفال» في حلب إلى «أهداف سهلة». وتم ليل الأربعاء- الخميس إجلاء أكثر من 150 مدنياً، غالبيتهم مرضى أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأعلن مسؤول أميركي أن الوزيرين جون كيري ولافروف لم يحققا أي تقدم في محادثاتهما حول التوصل إلى وقف للنار في حلب بعد عقد اجتماعين غير رسميين مقتضبين في هامبورغ على هامش لقاء دولي. لكن لافروف أعلن لاحقاً أن خبراء من البلدين سيجتمعون في جنيف السبت.
إلى ذلك، نقلت قناة «دوجد» الروسية عن مصادر في الحكومة الشيشانية، أن الوحدات العسكرية المتمركزة في معسكر خان قلعة، قرب غروزني، تلقت توجيهات بالتحضير للسفر، وأن العمل جار حالياً لتجهيز الوحدات الأولى التي سيتم نقلها إلى الأراضي السورية. ونشرت القناة التلفزيونية شريط فيديو صوّر داخل المعسكر وأظهر الجنود وهم يستمعون إلى خطبة ألقاها مفتي الجمهورية صلاح ميجييف قال فيها: «(الرئيس الشيشاني رمضان) قاديروف طلب من الرئيس (فلاديمير) بوتين أن يرسله إلى سورية للقتال، وهو يتوق لمحاربة الإرهابيين هناك. كثيرون يتوقون مثل قائدنا للتوجه إلى هذا البلد، والقيام بواجبهم الديني. الناس يحسدون من يحظى بفرصة مثلكم لمقاتلة الإرهابيين. أنتم تذهبون إلى عمل عظيم وسنصلي معاً وندعو القادر العليم أن يمنحنا الرحمة والقوة في الطريق إلى سورية».
وكانت صحيفة «إزفيستيا» نقلت عن مصادر عسكرية، أن قراراً اتخذ لإرسال كتيبتي «زاباد» (الغرب) و «فوستوك» (الشرق) إلى سورية، وهما من أبرز كتائب الوحدات الخاصة شاركتا إضافة إلى الحرب الشيشانية في السابق، في الحرب مع جورجيا عام 2008، وتسربت تفاصيل عن نشاط لوحدات تابعة لهما في أوكرانيا خلال العامين الأخيرين. وأشارت الصحيفة إلى أن مهمتهما الأولى ستكون «حماية» قاعدة حميميم في اللاذقية غرب سورية، و «تأمين التحركات على الأرض اللازمة للنشاط العسكري الجوي»، في إشارة إلى عمل وحدات الاستطلاع التي تتوغل في مناطق لتحديد إحداثيات القصف.
واللافت أن الحديث عن توسيع الوجود العسكري الروسي في سورية ليشمل نشاطاً برياً، لا يقتصر على إرسال مزيد من الوحدات الخاصة المدربة على «حرب الشوارع». وكان قاديروف قال سابقاً، في مقابلة مع القناة التلفزيونية الحكومية الأولى، إن «عسكريين من الشيشان يقاتلون في سورية ضد الإرهابيين»، لكنه أقر بأن للوجود العسكري الشيشاني أبعاداً أخرى، مشيراً إلى أنه كان «تلقى معلومات حول تأسيس «داعش» قبل الإعلان عن تأسيس التنظيم». وزاد: «أرسلت عناصر مدربة تابعة للأجهزة الخاصة الشيشانية إلى معسكرات خاصة علمنا أنها تقوم بجمع الإرهابيين وتدريبهم تحت إشراف مدربين من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتأكدنا بالفعل من صحة المعلومات حول تحضيرات جارية لإعلان تأسيس التنظيم الإرهابي، وقمنا بعد ذلك بتأسيس خلايا داخله من أفضل مقاتلينا، وكانت مهماتهم جمع المعلومات عن تحركات الإرهابيين وأهدافهم وتقويم نشاطهم».