لا يجد الرئيس الروسي غضاضة في تكرار القول إن تدخله في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد لقمع الثورة السورية، كان يهدف، من جملة ما يهدف ربما، إلى تجربة سلاحه الجديد، واتخاذ الأرض السورية حقل تجارب له.
فبعد أن أعلن أمام جنود بلاده الذين عادوا من سوريا منتصف مارس/آذار، بشكل واضح وعلني كاشفاً عمّا يمكن أن يكون أحد أهم دوافعه لقرار التدخل في سوريا؛ وهو “اختبار السلاح الروسي في حرب حقيقية بدل تجربتها في مناورات تدريبية ودورات تعليمية”، ها هو بوتين يعترف بأن العملية العسكرية في سوريا “ساعدت في الكشف عن عدد من العيوب في الأنواع الجديدة من الأسلحة الروسية”.
حيث قال، اليوم الخميس، أمام جمهور من الروس، في تصريحات تلفزيونية بثتها وسائل الإعلام الروسية: إن “الطلب على الأسلحة الروسية ازداد بشكل حاد على مستوى العالم على خلفية عمليات القوات الجوية والفضائية والقوات المسلحة الروسية بشكل عام في سوريا”.
وأضاف بوتين وفق ما نقل موقع “روسيا اليوم”: إنّ “العملية الروسية في سوريا ساعدت في الكشف عن عدد من العيوب في الأنواع الجديدة من الأسلحة الروسية”، مضيفاً: أن “ممثلين عن بعض المصانع الحربية الروسية زاروا سوريا لإزالة العيوب”، لافتاً إلى أن “العمل في هذا الاتجاه مستمر”.
وفي 17 مارس/آذار المنصرم اعتبر بوتين أنّ “الأسلحة الروسية المتطورة اجتازت امتحاناً جيداً في سوريا، وهذا الامتحان لم يكن في ميادين تدريبية، إنما في حرب حقيقية، فالامتحان كان شديداً وقاسياً، ومكننا من اكتشاف نواقصنا، والوضع التكنولوجي لأسلحتنا، وساعدنا في معرفة نوع الأسلحة الجديدة التي نحتاجها”، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.
وتحدث بوتين، حينها، عن العملية الحسابية البسيطة التي جعلته يتخذ قرار التدخل في سوريا، وقال: “إنّ إنفاق الأموال على حرب حقيقية أفضل من إنفاقها على المناورات والدورات التعليمية غير الحقيقية”.
إذن، فإنّ “التجارب” الروسية في سوريا كلفت الشعب السوري أكثر من 2000 قتيل مدني؛ بينهم أطفال ونساء وطواقم دفاع مدني وعناصر طبية، كما استنزفت البنى التحتية للمدن التي استهدفها القصف، حيث كانت المستشفيات والمدارس وقوافل المساعدات الإغاثية على رأس أهداف الغارات الروسية التي زادت على 9000 غارة، بحسب البيانات الرسمية لموسكو.
لكن وأمام هذه “الفجاجة” الروسية بإعلان أهدافها غير الإنسانية لتدخلها عسكرياً في سوريا، كان مستغرباً بدرجة أكبر بكثير، على ما يرى مراقبون، عدم وجود ردة فعل من قبل نظام الأسد الذي يتبجح بالسيادة الوطنية، إذ لم يصدر عنه أي تعليق يرفض أو يشرح التصريحات الروسية، فضلاً عن أن يطالب بخروج القوات الروسية من بلاده بعد أن كان هو من استدعاها، أو أن يستدعي السفير الروسي ليسلمه رسالة احتجاج شديد اللهجة على تجريب السلاح بالسوريين.
على أن مغردين سوريين رأوا أن النظام لو احتج لكان هذا هو المستغرب تحديداً، معتبرين أن الأمر لا يتعلق فقط بـ”السيادة” بل بكرامة الأسد الغائبة.
يشار إلى أن “الخليج أونلاين” كان قد طرح في تقرير سابق نشر بعد 12 يوماً من التدخل الروسي في سوريا، الذي استمر خمسة أشهر ونصف الشهر، منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015 وحتى 16 مارس/آذار 2016، وناقش إن كان أحد أهداف الحملة العسكرية الروسيةاستخدام الأراضي السورية كحقل تجارب للسلاح الروسي، واستعرضنا عدداً من الأسلحة الروسية الحديثة التي تستخدم لأول مرة.
الخليج أونلاين