بات واضحا أن المطارات العسكرية في سوريا لم تصمم كي تقوم بتأدية واجبها العسكري المنوط بها من حيث إقلاع وهبوط الطائرات الحربية فقط, بل صممت كي تكون مراكز عسكرية شاملة تحتوي على العديد من الأسلحة الأخرى, كالدبابات والعربات المجنزرة والمدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ, فضلا عن كونها ثكنات عسكرية تحتوي على أعداد كبيرة من الضباط والجنود إضافة إلى الحامية العسكرية داخلها, فضلا عن أن بعضها يحوي معتقلات واسعة وسجون سياسية سرية.
وبعد اندلاع الثورة السورية, وسَّعت قوات النظام السوري من صلاحيات ومهام تلك المطارات “العسكرية والمدنية” الموجودة في سورية, لتتحول إلى نقاط تمركز وسيطرة عسكرية مركزية.
ومنذ بداية المواجهات المسلحة على الأرض بين قوات النظام وقوات المعارضة, تنبهت تلك الأخيرة للأهمية الاستراتيجية والدور البارز الذي تلعبه تلك المطارات, وبعد أن فشلت فصائل المعارضة بالسيطرة على أهم المطارات العسكرية للنظام والتي تعتبر من أكثر وسائل النظام فتكا بالمدنيين, لجأت تلك الفصائل إلى اتباع أسلوب جديد يقوم على حصارها بهدف إضعافها ومن ثم اقتحامها.
ونجحت تلك الخطة بالسيطرة على عدد من المطارات ومنها مطار الحمدان في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي, ومطار مرج السلطان في الغوطة الشرقية, ومطاري تفتناز وأبو الظهور افي ريف إدلب ومطار الجراح في ريف حلب الشرقي ومنغ في الريف الشمالي.
إلا أن خطة الحصار فشلت وذلك لأسباب عديدة, فيما بقي النظام محتفظا بأهم المطارات وأخطرها, والتي تنطلق منها المقاتلات والمروحيات لتقصف المدن والبلدات السورية مرتكبة مجازرا بحق المدنيين, وفي مقدمتها مطار السين العسكري الذي يقع بين ريفي دمشق الشمالي الشرقي وحمص الجنوبي الشرقي, ومطار الضمير العسكري شرق الغوطة الشرقية لدمشق, ومطار الناصرية شمال شرق دمشق, ومطار المزة العسكري غرب دمشق, ومطار دمشق الدولي جنوب شرق العاصمة.
أما في ريف حمص لا تزال قوات النظام تسيطر على مطار التيفور”T4″, ومطار الشعيرات, وأعادت قوات النظام سيطرتها على مطار الضبعة بريف حمص الغربي, بعد سيطرة المعارضة عليه في ربيع عام 213م.
في الساحل السوري قام النظام بتوسيع مطار “حميميم” قرب مدينة جبلة في محافظة اللاذقية, والذي بات منصة انطلاق للطيران الروسي الذي يقصف المدن السورية منذ الثلاثين من شهر أيلول من العام الفائت.
أما في محافظة حماة, فيعد مطار حماة العسكري قاعدة هامة لإقلاع طائرات “الميغ” المقاتلة والمروحيات “ذات البراميل”.
مناشدات عديدة , طالما سمعناها من قادة الجيش الحر الذين توجهوا بها للعديد من الدول الداعمة للثورة أو ما يعرف “بأصدقاء الشعب السوري”, تتمثل بحاجتهم الماسة لمنظومات الدفاع الجوي الخفيفة “صاروخ يحمل على الكتف”, لكن دون جدوى, الأمر الذي حال دون القدرة على تحييد القدرة التدميرية لكل من الطيران الروسي وطيران النظام السوري.
حتى أصبح مشهد القتل والحرق والتدمير الناتج عن قصف تلك الطائرات للأحياء السكنية في المدن والبلدات المحررة مشهدا اعتياديا لدى المجتمع الدولي الذي لم يعد يندد ولو بمجزرة واحدة حتى لو ذهب ضحيتها المئات من الضحايا.
وبعد أن نجح النظام بفرض الحصار مجددا على الأحياء الشرقية من مدينة حلب, وسع من عدد طلعاته الجوية بشكل مسبوق, الأمر الذي ساهم بارتكابه العديد من المجازر شملت كلا من مدينة حلب وريفها الغربي, ومدينة إدلب وأريافها الأربعة.
وبعد أن اقتنع السوريون بعدم نية المجتمع الدولي بالضغط على كل من روسيا والنظام لإيقاف تلك المجازر الناجمة عن قصف الطيران الحربي, عادوا مجددا لمطالبة الفصائل بالتوحد والتوجه لضرب تلك المطارات التي حولت مدنهم إلى مدن “أشباح مدمرة”.
إلّا أن تلك الفصائل تعيش اليوم حالة من الشرذمة والفرقة لا تحسد عليها, ومع ذلك يبقى الأمل لدى السوريين بقدرة قوات الثورة على رفع الحصار عن مدنهم وبلداتهم وفرضه على تلك المطارات التي كانت ولازالت مصدرا لتصدير الموت.
المركز الصحفي السوري_ فادي أبو الجود.