في لهجة تهكمية ساخرة، وصف عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري أحمد جقل الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد عقب “أداء اليمين” بأنه “مهزلة لا يمكن تفسيرها في أي عرف سياسي”، وقال “في الدول الديموقراطية التي تحترم شعوبها، يؤدى خطاب القسم في مجلس الشعب، وبحضور وسائل الإعلام التي تنقل الحدث مباشرة، ولكن بشار الأسد ألقاه في قبو قصره، وجر أعضاء المجلس إلى القصر في سابقة هي الأولى بالتاريخ السوري؛ ليمثل مسرحية جديدة لم يشهد التاريخ لها مثيلا، مخالفا بذلك الأعراف الدستورية”.
ولم يكن أمام رئيس النظام السوري سوى اختيار قبو القصر الرئاسي، بعد أن أشارت أخبار إلى وجود مخاوف أمنية جدية تتهدد الأسد لحظة إلقائه الخطاب، مضيفة أن الخوف بات هو العامل المسيطر على تصرفاته، الذي يحدد أوان ومكان تحركاته. كما تحدثت وسائل إعلام عالمية عن حالة الاستخفاف بالشعب، التي وصل إليها الرئيس السوري، وعدم احترامه لتاريخ بلاده وأهلها، إذ تزامن وقت الخطاب مع الكثير من البراميل المتفجرة التي ألقتها طائراته المروحية على المدنيين في ريف دمشق وحلب وإدلب وغيرها من المدن.
ولم ينس جقل توجيه انتقاداته للدول التي تدعم الأسد وتعينه على تنفيذ أعماله الإجرامية بحق شعبه، وقال “هذا الخطاب لا يعني السوريين في شيء؛ لأنه ناتج أصلا عن انتخابات غير شرعية جرت في ظروف تشريد ملايين السوريين خارج سورية وداخلها، وفي ظل حرب يشنها نظام الأسد نفسه مستعينا بدعم دول تعينه في إرهاب الدولة الذي يمارسه ضد الشعب السوري، هي روسيا وإيران، وحزب الله الإرهابي والميليشيات العراقية.
كما أن ذلك الخطاب العجيب أكد أنه مازال في حالة إنكار وانفصام كامل عن الواقع الذي يحيط به، فقد أطلق التهديدات جزافا للغرب ولدول الجوار، التي احتضنت السوريين الهاربين من بطشه ومن البراميل المتفجرة، ومازال مستمرا في قصف المدنيين بها”. وأشار إلى أن ما ادعاه بشار من نصر انتخابي هو مجرد وهم لا يشك قائله في أنه ليس حقيقة، ولا يستند على انتصار على الأرض، ففي الوقت الذي كان يلقي فيه خطابه، كانت كتائب الجيش السوري الحر تتقدم على جبهات عدة في درعا وحلب”. ومما أثار استغراب من تابعوا الخطاب هو جرأة “بشار” في الحديث عن محاربته للإرهاب، الذي يمثل هو أحد وجوهه الواضحة، وفي ذلك يقول جقل “من المثير للاستغراب أن يستمر الأسد في الكلام عن محاربة الإرهاب في الوقت الذي يمثل هو الإرهاب نفسه، كما أنه هو من هيأ ودبر قدوم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” إلى سورية الذي بدأ الجيش السوري الحر بمحاربته كما يحارب قوات النظام. وهي جرأة غير حميدة. لكن من الواضح أن النظام اختار مواصلة الاستبداد نهجا للحكم، رافضا الاعتراف بحق السوريين بالتمتع بحقوق المواطنة والحقوق السياسية والمدنية”.
وفي سياق متصل، رد الأمين العام للائتلاف الوطني السوري نصر الحريري على الخطاب، وقال: “لا مكان لإعادة الأمان إلا انطلاقا من إسقاط النظام ورموزه ومحاكمة المجرمين. ويعلم جميع السوريين أن الأسد الذي يتشدق بالحوار في خطابه كان أول من صنع مشاهده التمثيلية في دمشق، كمحاولة للتغطية على جرائمه، ثم شارك في مؤتمر جنيف ولم يكن جديا، فماطل ولعب على عنصر الوقت، فيما يحمل خلف ظهره خنجر الإرهاب ويروج له ويدعمه ليطعن به السوريين والمنطقة برمتها”. ومضى الحريري قائلا: “العامل الداخلي الذي يتحدث عنه رأس النظام لا يمكن التركيز عليه إلا في دولة المواطنة التي ننشدها جميعا. أما الحديث عن المصالحات في الداخل تحت أزيز الطائرات وهدير الدبابات، فما هو إلا حديث مكشوف وفاشل للتصدير الإعلامي ولكن لم يعد يقع في مصيدته أحد”.