المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 12/2/2015
لقد شهدت أسعار المواد الغذائية ومواد البناء وغيرها من المواد الإستهلاكية في أسواق سوريا ارتفاعاً واضحاً مع ارتفاع سعر الدولار، واختلفت نسب الارتفاع حسب المادة المستوردة، واختلف سعر المبيع بشكل واضح في المحلات التجارية، والتي يسرع بعضها برفع الأسعار مع كل ارتفاع للدولار.
حيث تجاوز سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، عتبة جديدة ليصل سعر صرفه اليوم 240، وترافق هذا الارتفاع والتقلبات في اسعار الصرف، مع ارتفاع في أسعار السلع التموينية وفقدان بعضها من الأسواق والخضار إضافةً الى الفواكه، ويخشى السوريين حصول المزيد من الارتفاع الجنوني في أسعار المواد، وتشهد الليرة السورية انخفاضاً حاداً بقيمتها أمام العملات الأجنبية، والتي أثرت على احتياطيات القطع الأجنبي في المصارف العامة والخاصة، ورغم تدخلات المصرف المركزي لرفع الليرة أمام الدولار، بعد أن هبطت لمستويات قياسية، إلا أنه بقي عاجزاً عن تحسين وضع الليرة وأثر على زيادة ارتفاع المواد الاساسية في سوريا
وحدد المصرف سعر صرف الدولار مقابل الليرة 220 ليرة سعراً وسطياً لمؤسسات الصرافة.
فالليرة السورية تهوي وسط حالة من الإقبال الشديد على شراء القطع الأجنبي للتخلص منها بهدف حماية المدخرات، إضافة إلى شراء القطع لغايات المضاربة والمتاجرة، ومن يشتري القطع هو من يقوم ببيعه في السوق السوداء فيما بعد.
ولقد قام المصرف المركزي خلال سنوات الحرب بإلزام شركات الصرافة بشراء الدولار منه وبيعه للمواطنين ولكل الأغراض التجارية وغير التجارية، وبأقل من سعر السوق السوداء، وقد يلزم المواطنين لاحقاً بالشراء، وربما يقوم النظام بتفكيك شركات الصرافة، ليتحول المركزي إلى شركة صرافة بامتياز.
ويُعد النظام السوري المستفيد الأكبر من ارتفاع سعر صرف الدولار، ومن مصلحة حكومته الحفاظ على ذلك السعر حتى يغطي جزءاً من النفقات والمصاريف، إضافة إلى وجود نوع من الرضا والقبول الحكومي بارتفاع سعر الصرف، لكون الإنفاق الجاري هو الهاجس الوحيد حالياً كدفع الرواتب والأجور، ومازال المركزي يعلن عن طرح الدولار حتى اليوم، على الرغم من إعلان شركات الصرافة عن وجود فائض من القطع لديها، وامتناع بعضهم عن بيع هذا القطع.
والمستفيد الثاني من رفع الدولار بشكل مؤقت، بعد كبار المضاربين، هم التجار، الذين يرفعون أسعار بضائعهم تلقائياً، دون أن يخفضوها مع انخفاض الدولار، أما المتضرر الأكبر فهو “المستهلك” أي المواطن ومعه الاقتصاد الوطني.
دائماً المواطن السوري هو الخاسر الوحيد، لأن دخله ثابت بالليرة السورية وتفقد قيمتها الشرائية يوماً بعد يوم، “أبو جابر” مواطن سوري من ريف إدلب الجنوبي يحدثنا عن معاناته بقوله: في كل مرة يرتفع فيها سعر الدولار، ترتفع أسعار المواد لا سيما الغذائية، الأمر الذي يدفع بعض التجار إلى التحفظ على بيعها، ريثما يعود الاستقرار إلى السوق، حيث إرتفعت اسعار الخضار والفواكه بشكل جنوني خلال الأيام القليلة الماضية،
ولقد بدأنا نلاحظ فقدان بعض المواد من السوق كأنواع من القهوة المستوردة، وغيرها فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الأخرى، التي قد يختلف سعرها بين منطقة وأخرى.
إن ارتفاع سعر القطع الأجنبي يتناسب مع ارتفاع أسعار بقية السلع الاقتصادية في السوق المحلي، ولو كان ارتفاع سعر القطع الأجنبي بمعزل عن ارتفاع أسعار السلع الأخرى لوافقنا بأن الموضوع حرب نفسية أو مضاربات، ولكن التضخم الكبير في أسعار بقية السلع يدل على أن موضوع ارتفاع سعر الصرف يعود لأسباب اقتصادية بحتة.
إن الصدمات الاقتصادية التي تتعرض لها سوريا بشكل يومي بدءاً من المقاطعة الدولية وإغلاق المعابر مروراً بانخفاض الناتج العام وإحراق وسرقة المعامل وإلغاء تعهد إعادة القطع، أدى كل ذلك إلى استنزف جزء من الاحتياطي النقدي وصولاً إلى ارتفاع نسب الإنفاق والعجز في ميزان المدفوعات، بحيث يصبح من المستحيل المحافظة على سعر صرف متوازن ومستقر.
ويذكر أن (الاحتياطي النقدي) لدى النظام انخفض من 18 مليار دولار في عام 2010 إلى ملياري دولار أميركي مع نهاية عام 2012، بافتراض أن عجز الموازنة العامة تم تمويله على الأرجح من الاحتياطات الأجنبية، ويقدر الأثر التراكمي مع العجز بنحو 16 مليار دولار مع نهاية 2012، وكان من المتوقع نفاذ احتياطيات سوريا من الذهب والنقد الأجنبي حتى نهاية عام 2013، إلا أن إيران تقوم بشكل مستمر بدعم المصرف المركزي للنظام عبر قروض وودائع، ويجزم البعض أن النظام فشل بالتعامل مع الصين أو روسيا وحتى ايران بالعملات المحلية.
أما بالنسبة للصادرات والواردات الإقتصادية في سورية: فلقد كشفت المديرية العامة للجمارك التابعة للنظام السوري بأن المستوردات السورية من روسيا الاتحادية قد زادت في عام 2014 مقارنة بعام 2013 حيث بلغت في عام 2014 /150/ سلعة بوزن إجمالي تجاوز /1711559/ طن، وبقيمة تجاوزت /174617/ مليون ليرة سورية، بينما بلغت في عام 2013 /96/ سلعة بوزن إجمالي /659353/ طن وبقيمة إجمالية بلغت /34160/ مليون ليرة سورية.
بينما كان هناك تراجع في الصادرات السورية إلى روسيا الاتحادية مقارنة بالعامين المذكورين حيث بلغت في عام 2014 /61/ سلعة بوزن إجمالي /5609/ طن وبقيمة تجاوزت /642/ مليون ليرة سورية، بينما بلغت في عام 2013 /94/ سلعة بوزن إجمالي بلغ /8467/ طن بقيمة إجمالية بلغت /910/ مليون ليرة سورية.
كما بينت المديرية بأن إجمالي المستوردات السورية من مختلف البلدان قد بلغت في عام 2014 عشرة ملاين طن بقيمة إجمالية تجاوزت /1300/ مليار ليرة سورية.
وبذلك يكون العجز التجاري السوري بين سوريا وروسيا الاتحادية قد ارتفع إلى /33.2/ مليار ليرة سورية (بالقيمة السالبة) عام 2013، إلى /173/ مليار (بالقيمة السالبة) عام 2014.
ومن الجدير بذكره بأن قيمة الأسلحة لا ترد ضمن نشرات المديرية العامة للجمارك، وبالتالي فإن قيمة العجز التجاري بين سوريا وروسيا الاتحادية أكبر من الرقم المعلن بكثير نتيجة استيراد الأسلحة والعتاد الحربي بشكل كبير نتيجة الحرب الدائرة في سوريا من ما يقارب الأربع سنوات.
وبشكل عام وحسب المكتب المركزي للإحصاء التابع للنظام السوري يحتل بند الوقود المعدني وهو عبارة عن الزيوت المعدنية /83.47/% من المستوردات السورية من روسيا الاتحادية، بينما تحتل البضائع المصنعة من منسوجات وألبسة وغيرها /53.19/% من الصادرات السورية إلى روسيا الاتحادية.
وبين هذا وذاك يبقى المواطن السوري الذي أنهكته الحرب هو المتضرر الأكبر.