جندي بفردة بوط و(شحاطة) يتسول ثمن بطاقة الحافلة ..جندي يصور طعامه، حبتا بطاطا وبندورة ورغيف خبز يابس ..على الطرف الآخر ضابط في جيش النظام (يفيش) 17 عسكرياً مقابل خمسة ملايين ليرة شهرياً.
جيش النظام السوري وكر العناكب وبؤرة الفساد الكبير الذي لا تطاله عين الرقابة ولا يدها، فالدستور ينص على تبعيته المباشرة لرئيس الدولة ويحصنه ضد أي رقابة لمؤسسات الدولة.
وقد حوله انقلاب البعث عام 1963 ومن بعده انقلاب حافظ الأسد عام 1970 من جيش وطني يمثل جميع أطياف الشعب وهدفه حماية الوطن وسلامة أراضيه، الى أداة هيمنة وانفلات وابتزاز.
فكانت مثلاً سرايا الدفاع لرفعت الأسد غير خاضعة لسيطرة رئاسة الأركان أو القضاء العسكري، كما كان وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، ولأسباب شخصية أو بعد تلقي رشوة يوقف محاكمة أي عسكري أو ضابط عبر إصدار أمرٍ بكف المحاكمة، مما أوجد بيئة خصبة لنمو طحالب الفساد ومرتزقته في كل مؤسسات الدولة، ومنها المؤسسة العسكرية التي انفردت بمصطلح التفييش..
(التفييش , المفتاح , المعلوم) كلمات لا يعرف دلالاتها إلا السوريون وتعني دفع الرشاوي، للتهرب من الخدمة الإلزامية.
حيث تبدأ طقوس التفييش مع استقبال المجندين الأغرار في القطع العسكرية بسؤال الضابط عن مهنة العسكري، ثم يوكل بقية المهمة للمفتاح ..المفتاح هو مساعد أول مخضرم لا هو ضابط فيحترم، ولا عسكري فيهان، وتصادر حريته بل هو كالحاجب أيام السلاطين، يسيّر الأمور الخبيثة ويكتم أسرار الضابط ..
يبحث هذا المفتاح عن فريسة (مهبرة) غر جديد من عائلة غنية، أو لديه مهنة يمكن أن تدر عليه دخلا ثابتاً، يحادثه على انفراد ويساومه بأن يمنحه إجازات مفتوحة ومختومة من الضابط مقابل راتب شهري يدفعه المجند الغر ..
تسبق هذه المساومة بأيام عقوبات جسدية شديدة وإذلال نفسي يتعرض له المجندون حتى يرضخوا ويستسلموا صاغرين ليد المساعد المفاوض.
مع انطلاق الثورة السورية سقطت ورقة التوت التي يستتر خلفها طحالب جيش النظام، ويبتزون الأفراد وأهاليهم بلا رقابة ولا محاسبة، فكثرة عمليات الانشقاق والفرار من جيش النظام الذي قارب على الانهيار، لولا تدخل روسيا عام 2015 حينما استلم ضباط روس القيادة المباشرة في كثير من الفرق والألوية العسكرية للنظام السوري، وعملوا على إحداث فيلقين جديدين هما الرابع والخامس. كما عملوا على ضم التشكيلات المسلحة من خارج الجيش وهي كتائب البعث وقوات النمر والشبيحة.
وأعطت لهذه القوات صلاحيات سرقة ونهب البيوت المحتلة، فكانت تسير مع دبابات الجيش سيارات (السوزوكي) التي تعفش ممتلكات الأهالي، وتنقلها إلى مناطق النظام لبيعها علناً.
فهل كنت أنت صديقي المتابع أحد ضحايا التفييش؟ وكم كنت تدفع لطحلب النظام؟
محمد الحلبي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع