تملك تركيا واحدًا من أقوى الجيوش في حلف شمال الأطلسي، لكنها ضعيفة جدًّا في مجال أنظمة الدفاع الجوي.
تقع تركيا في أخطر منطقة بالعالم لكن الأنظمة التي يمكن أن تحميها من الأخطار القادمة من الجو محدودة للغاية. ولهذا تعمل منذ مدة طويلة على استيراد أنظمة دفاع صاروخية. ليس من الممكن في الوقت الحالي إنتاج هذه الأنظمة بالإمكانيات المحلية، فالخبرة والتكنولوجيا غير كافية.
يبقى الخيار الوحيد شراؤها. وفي الواقع أرادت تركيا في البداية أن تلبي حاجتها من خلال صواريخ مصنوعة في البلدان الغربية. لكنها واجهت مشاكل كبيرة في شرائها، وعلى الأخص في مسألة نقل التكنولوجيا. لم تتحمس الولايات المتحدة على وجه الخصوص لنقل التكنولوجيا في أي ظرف كان. وعلى الإثر توجهت تركيا إلى الصين، أوشكت على التوصل إلى اتفاق معها. لكن أنقرة عدلت عن شراء الصواريخ الصينية لأسباب مختلفة.
قررت تركيا شراء منظومة إس 400 من روسيا، ولعبت ثلاثة معايير دورًا في هذا القرار. الكفاية التقنية والسعر والقرار السياسي. أجرت مستشارية الصناعة الدفاعية ووزارة الدفاع دراسة مطولة، ركزت على توازن الكلفة والتكنولوجيا، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن المنظومة الروسية تلبي الطلب. ومع صدور موافقة الحكومة تجاوزت العملية أصعب منعطف لها.
يلفت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى خيبات الأمل التي عاشتها بلاده مع الغرب، ويؤكد على أنها ليست محدودة الخيارات. وخلال زيارته الصين أدلى بتصريح في الطائرة، قال فيه إن تركيا تفكر جديًّا بالانضمام إلى اتفاقية شنغهاي.
بعد ذلك بمدة، نشبت أزمة إسقاط المقاتلة الروسية. وعلى الرغم من النتائج الوخيمة للأزمة إلا أن أردوغان كان له دور حاسم في تجاوزها بسرعة. وفي هذه المرحلة، صدرت الموافقة على الصعيدين التقني والمالي، ليصبح خيار منظومة إس 400 بديلًا جديًّا.
على الجانب الآخر، يرى الزعيم الروسي فلاديمير بوتين المشاكل التي تواجهها تركيا مع الناتو، ويسعى للاستفادة من الوضع إلى أقصى حد.
من المحتمل أن يتصاعد التوتر بين أنقرة والناتو في حال توقيع العقد النهائي وشراء منظومة إس 400، وستتلقى عندها علاقة الثقة، الضعيفة أصلًا، ضربة كبيرة. لكن كما ذكرت آنفًا تركيا ليست مسؤولة عن ذلك.
تقدم تركيا، بصفتها دولة ذات سيادة، على الخطوات التي يقتضيها أمنها ومصالحها. تمامًا كما عبرت بريطانيا عن إرادتها و اتخذت قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروربي الذي كانت جزءًا منه.
ترك برس