رغم اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، والذي بدأ حيّز التنفيذ في بداية شهر آذار/ مارس الماضي، إلا أن الحشود العسكرية التركية ما زالت تدخل يومياً إلى المحافظة ومعها معدات عسكرية متطورة، ومن أهم هذه المعدّات منظومات الدفاع الجوي والتي لها تأثيرها ودلالاتها الاستراتيجية عند السوريين الذين عانوا من قصف الطيران الروسي وطيران ميليشيا أسد.
وبحسب مصادر عسكرية لأورينت نت فإن القوات التركية جهّزت أكثر من 10 بطاريات دفاع جوي مختلفة المدى، وبعضها صناعة تركية وأخرى أمريكية الصنع، كما أن القوات التركية وضعت عدة منظومات دفاع جوي على الحدود التركية المحاذية لإدلب ولكنها ذات مدى أبعد من التي تموضعت داخل المحافظة.
منظومات قصيرة ومتوسطة
وأهم ما يميّز منظومات الدفاع الجوي التي دخلت لمحافظة ادلب هو تنوّعها من حيث الميزات الفنيّة وكذلك بلد المنشأ, فبعضها قصيرة المدى وأخرى متوسطة وبعضها تركية وأخرى أمريكية، حسب كلام المقدم خالد العيساوي.
وأوضح ضابط الدفاع الجوي المقدم خالد العيساوي لأورينت نت أهم منظومات الدفاع الجوي التي أدخلتها القوات التركية لمحافظة ادلب مؤخراً بقوله: “نشرت القوات التركية عدة منظومات دفاع جوي ووزعتها في مناطق استراتيجية تتناسب مع طبيعة الأرض والمعركة القادمة بحال حصلت, ومن أهم تلك المنظومات منظومة MIM-23 Hawk أمريكية الصنع, وهي منظومة متوسطة المدى تتصدى للأهداف الجوية المعادية على ارتفاع يتجاوز 13 كم ومداها أفقياً أكثر من 25 كم, ويتبع لهذه المنظومة رادار لتتبّع الأهداف، وعربتها تحمل 3 رؤوس مضادة للطيران”.
وتابع العيساوي مفصّلاً, “وكذلك نشرت تركيا منظومة أتيلغان التركية ATILGAN, وهي منظومة قصيرة المدى وتتألف عربتها من 8 صواريخ ستينغر معدّلة, وتحتوي هذه المنظومة على جهاز تتبّع ليزري ومداها لا يتجاوز 8 كم, ويوجد في ادلب عدة منصات إطلاق من هذه المنظومة”.وأشار العيساوي إلى أن “تركيا نشرت منظومتيّ حصار A و حصار O بالقرب من الحدود السورية وداخلها، وهذه النوع من المنظومات مداه ما بين 15 و 25 كم وتُعتبر هذه المنظومة من المنظومات المتطورة جداً في السلاح التركي لما لها من ميزات وسرعة تكتيكية عالية من حيث رصد الأهداف وزمن التعامل معها”.
وأضاف المقدم العيساوي أن، “تركيا أدخلت في الآونة الأخيرة منظومة الدفاع الجوي المعروفة باسم “كوركوت” وهي عبارة عن عربة دفاع جوي مدفعي ذاتية الإطلاق مربوطة برادار تتبّع للأهداف الجوية المعادية”.
حماية المواقع التركية
خلال معارك إدلب الأخيرة، استهدف الطيران الروسي وطيران ميليشيا أسد بعضاً من المواقع التركية والتي أودت بحياة العشرات من جنود القوات التركية، كما حصل بالقرب من بلدة بليون بجبل الزاوية وتجمّع ترنبة بالقرب من سراقب.
ولهذا يعتبر الخبير العسكري العميد أحمد رحال أن إدخال تركيا لمنظومات الدفاع الجوي إلى إدلب له مدلول طبيعي أول، ألا وهو حماية المواقع العسكرية التركية من أي استهداف جوي معادي. ويُضيف العميد رحال لأورينت نت قائلاً: “أرادت تركيا إرسال رسالة للروس ولميليشيا أسد مفادها أن ما كان يحصل في السابق من تعدّيات وتجاوزات بحق الجنود الأتراك لن يتكرر لاحقاً بوجود هذه المنظومات, وبالتالي سيتم استهداف أي هدف جوي يُعتبر معادي لها، ولن يُسمح بارتكاب مثل تلك الحماقات السابقة بعد الآن, ويمكننا تسمية هذا الرسالة بالرسالة الطبيعية من إدخال منظومات الدفاع الجوي التركي لإدلب”.
الدور التركي محمي أمريكياً
وأما الدلالة الثانية من إدخال منظومات الدافع الجوي إلى إدلب، يقول العميد رحال: “الرسالة الأقوى التي أرادت تركيا ارسالها لروسيا ولنظام أسد من إدخالها منظومات الدفاع الجوي وخاصة الأمريكية كان مفادها أن الدور التركي في ادلب محمي من قبل أمريكا حالياً”.وأوضح العميد ذلك بقوله “إن ادخال تركيا لمنظومات دفاع جوي أمريكية الصنع لها دلالاتها القوية، وبالتالي تركيا أرادت ارسال رسالة مزدوجة من أنقرة وواشنطن بأن الدور التركي محمي من أمريكا, وذلك لأن السلاح الأمريكي وخاصة الدفاع الجوي يجب أن يُستخدم داخل حدود الدولة المستوردة له, وبما أن هذا السلاح تم إخراجه خارج حدود الدولة المستوردة فهذا يعني موافقة أمريكا على إخراجه من تركيا إلى إدلب”.
ونوّه العميد رحال إلى أن، “هناك تناغم تركي أمريكي وموافقة على تقوية الدور التركي في سوريا وتحجيم الدور الروسي في ليبيا، كوْن توغّل الروس في أفريقيا يُزعج الأمريكان والأوربيين, ولذلك هناك توافق أمريكي تركي على منع تطور الأحداث الميدانية في إدلب، ومنع أن تكون هذه التطورات لصالح الروس والإيرانيين”.
الجهوزية التامة
فيما رأى العقيد أحمد العطار أن وجود منظومات الدفاع الجوي التركية في إدلب يعود لتوقّع الأتراك حصول أي سيناريو على الأرض قد يُعيق الحلول المستقبلية في سوريا.
واستدرك العقيد قائلاً لأورينت نت: “تركيا تتجهّز لكل السيناريوهات المحتملة مع الروس والإيرانيين, ولذلك عملت على إدخال بعضٍ من أسلحتها المتطورة ومنها منظومات الدفاع الجوي, وهذا التخوّف التركي يجعلها تأخذ بالحسبان حماية المدنيين في إدلب وحماية جنودها من أي قصف جوي”.
ووفق العقيد العطار، ستكون منظومات الدفاع الجوي التركية لها أثرها الإيجابي في معارك إدلب القادمة بحال جرت، وكما كان للطائرات التركية المسيّرة دورها الفعّال بالمعارك السابقة سيكون لمنظومات الدفاع الجوي دورها الفعّال، ولهذا تنوّعت المنظومات وتعدّدت مراكز انتشارها تحسباً لأي طارئ يُخلّ بالتفاهمات الإقليمية والدولية في ادلب وسوريا.
نقلا عن اورينت نت