تتهم منظمة العفو الدولية الجزائر بالتكتم على الجرائم التي تقوم بها جبهة البوليساريو. وقال المدير التنفيذي للمنظمة فرع المغرب، صلاح عبداللاوي، إن السلطات الجزائرية مازالت تعمد إلى التغطية على الجرائم التي ارتكبتها جبهة البوليساريو في المخيمات التي تسيطر عليها، رغم النداءات المتكررة للكف عن ذلك.
وأكد عبداللاوي، خلال ندوة عقدت الأربعاء لتقديم مضامين التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، لسنة 2017-2016، أن الجزائر استمرت في نهج هذه السياسة رغم النداءات المتكررة التي أطلقتها العديد من المنظمات الحقوقية والدولية، وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب تلك الجرائم.
وفسر رضا الفلاح، الباحث في العلاقات الدولية، سلوك النظام الجزائري بأنه ما زال يتصرف في المجال الأمني بمنطق الحرب الباردة، حيث يوظف حالة الفوضى وعدم الاستقرار للإبقاء على آخر ما تبقى له من نفوذ في المنطقة والاحتفاظ بأوراق ملغومة لمعاكسة المملكة المغربية.
وأوضح الفلاح في تصريح لـ“العرب” أن البوليساريو أصبحت كيانا مفلسا ليس بوسعه اكتساب أي سند شرعي طالما أن وجوده أصبح في حد ذاته يمثل تهديدا صريحا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وبحسب الفلاح فقد تحول هذا الكيان الانفصالي إلى أرضية خصبة ومرتعا للإرهابيين وشبكات الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة.
ويؤكد خبراء أمنيون أن غياب التنسيق والتعاون بين دول المنطقة شجع على تنامي التهديدات الإرهابية لتنظيمي القاعدة وداعش في المنطقة الممتدة من جنوب الجزائر إلى نيجيريا التي تنشط فيها جماعة بوكو حرام التابعة لتنظيم داعش.
ويحذر هؤلاء من تحالفات تزداد عمقا بين البوليساريو وتلك التنظيمات على شاكلة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعناصر من بوكو حرام، وأنصار الدين، والحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا، والتي تشكل تهديدا لمجموع دول شمل أفريقيا.
ونبه مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، عبدالحق الخيام إلى التهديد الإرهابي وإلى الخطر الذي تمثله مناطق النزاع السورية العراقية والليبية، التي تنضاف إليها منطقة الساحل والصحراء، حيث تنشط العديد من المنظمات الإرهابية، ومنها “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” وجماعة “بوكو حرام”.
ويشير مراقبون إلى أن المتاجرة بالمواد الموجهة كمساعدات إنسانية لمحتجزي مخيمات تندوف جنوب الجزائر، يعتبر نشاطا غير مشروع ويساهم بشكل كبير في تمويل أنشطة داعمة للإرهاب.
وبحسب هؤلاء فإن سلوك البوليساريو المتجه إلى ارتباطات عملية مع التنظيمات المتطرفة يكرس واقعا غير آمن في المنطقة وأن مخيمات تندوف باتت قريبة من تفريخ المقاتلين داخل التنظيمات الإرهابية والمنظمات الإجرامية.
واعتبر الخيام، أنه إلى جانب انتشار الأسلحة في منطقة الساحل والصحراء، لا سيما بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، فإن الصراع الذي افتعلته الجزائر حول الصحراء المغربية يشجع على ظهور مثل هذه التهديدات الإرهابية، محذرا من تواطؤ عناصر البوليساريو مع المنظمات الإرهابية، علما أن نحو مئة انفصالي، حددت هويتهم، ينشطون في صفوف داعش.
وأوضح الفلاح، أنه مع تنامي الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي تعرفها مخيمات تندوف بتواطؤ من الطبقة العسكرية الجزائرية، يجب على المجتمع الدولي عدم السماح بتواصل هذه المأساة الإنسانية، ولا سيما في سياق صعود مخاطر التطرف وتناسل الجماعات الإرهابية في منطقة الصحراء والساحل. وقال الفلاح إن ذهاب بعض التقارير الاستخباراتية والأمنية إلى تصنيف جبهة البوليساريو حليفا لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، مؤشر واضح على تحول مخيمات التندوف إلى قاعدة لوجستية لتجنيد الإرهابيين والخارجين عن القانون بالمنطقة.
وأوصت تقارير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب بتفكيك المخيمات التي تقع في الجزائر، لكونها أصبحت تشكل “تهديدا حقيقيا للأمن الإقليمي وتربة خصبة لتجنيد الإرهابيين والمهربين”، وعلاوة على ذلك تشير العديد من المعطيات المتطابقة إلى تحول المخيمات لفضاء تتم فيه كل الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية مثل ظاهرة الرق.
واعتبر الفلاح أن استمرار القادة الانفصاليين في رفض خطة الحكم الذاتي يعكس حقيقة أن هذا الكيان ليس إلا دمية في أيدي النظام الجزائري ولا يملك أدنى سيادة على قراراته.
وأصبح الأمن والاستقرار الهم الدولي الأكبر في العقد الأخير خصوصا مع تنامي ظاهرة الإرهاب العابر للحدود، وشكلت منطقة تندوف التي تضم جبهة البوليساريو حاضنا خصبا لتفريخ آلة بشرية تساهم في تغذية منظمات إجرامية وإرهابية تهدد استقرار المنطقة ككل.
وتعتبر منطقة الساحل والصحراء مرتعا لكل الخارجين عن القانون وتحالف الشبكات المتاجرة بالبشر والسلاح والمخدرات. وأكدت عدة تقارير استخباراتية دولية أن مجموعات تنتمي إلى البوليساريو متورطة فعليا في أنشطة إرهابية أو داعمة للإرهاب.
وكانت هيئة الاستخبارات المدنية اليابانية التابعة لوزارة العدل، قد أشارت في تقريرها عن الإرهاب في العالم لعام 2011 و2013 و2014، إلى تورط عناصر البوليساريو في أنشطة إرهابية، ويدعم هذا ما ذهبت إليه عدة تقارير تؤكد على أن البوليساريو غير جديرة بثقة المجتمع الدولي وأن عناصرها متهمون بتهديد السلم والأمن العالميين.
العرب اللندنية