مع تزايد القصف والأعمال القمعية التي تقوم بها قوات النظام وميليشياته على مختلف المدن السورية، تبرز المزيد من المآسي والآفات نتيجةً لهذه الأعمال، فالعنف حصد أرواح ما يزيد عن ألف شخص منذ بداية العام 2017، في حين لم يشفع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرِم نهاية العام الماضي 2016 عن إنهاء الصراع والوصول إلى الدرجة الأدنى لتخفيف العنف.
ولعل أبرز السمات التي اتصف بها عام 2017 بالنسبة لمأساة السوريين هي التهجير القسري الذي حل قاسياً على البلاد ولم يتوقف، فقد شهدت مدنٌ سورية عدة منذ بداية العام تهجيراً قسرياً بموجب اتفاقيات أو مصالحات بإشراف مركز حميميم الروسي الذي تولى هذه المهمة بديلاً عن النظام السوري، فمن وادي بردى ومروراً بسرغايا في القلمون الشرقي وليس انتهاء بحي الوعر الذي مازالت القوات السورية تصر على تهجير أهله وصولاً إلى أحياء دمشقية في شرق العاصمة.
“أم حسن” المرأة الخمسينية حطت رحالها مرغمةً في بلدة عربين ضمن مركز إيواء مؤقت، بعد أن اضطرت وعائلتها للهرب من جحيم القصف الذي طال تلك المناطق، محاولةً النجاة بعائلتها باتجاه مناطق أكثر أمناً.
فقد كثفت قوات النظام السوري قصفها العنيف بالطائرات الحربية وصواريخ الأرض أرض (فيل) على أحياء برزة والقابون وحي تشرين شرقي العاصمة، حيث بدأت قوات النظام السوري حملتها العنيفة على أحياء شرق العاصمة بتاريخ 18 / فبراير ومازالت مستمرة حتى الآن ، سقط خلالها 26 ضحية أغلبهم من النساء والأطفال فضلاً عن مئات الجرحى، وذلك بحسب شبكة مراسلي ريف دمشق، التي استطاعت توثيق الضحايا بشكل رسمي.
و أكد عبد السلام الدمشقي مدير شبكة مراسلي ريف دمشق أن ” النظام يصعد استهدافه لمناطق شرق العاصمة بسبب أهميتها الاستراتيجية ولأنها تشكل طوق الأمان بالنسبة لدمشق، ولهذا السبب قام بقصفها بشكل مكثف بغية تهجير سكانها ومن ثم الانقضاض على فصائل الثوار من أجل فرض انسحابهم واستكمال مشروعه بفصل العاصمة دمشق عن المناطق الخارجة عن سيطرته في الغوطة الشرقية “.
وفي هذا الصدد تزداد صعوبة الوضع الإنساني في مناطق شرق العاصمة بشكل كبير، حيث كشف “فراس المرحوم” مدير مكتب هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية في الغوطة الشرقية عن توثيق أكثر من 2000 عائلة تركت بيوتها في حي القابون بسبب الأوضاع هناك والعدد مرشح للزيادة الكبيرة بسبب استمرار القصف، فالأوضاع الإنسانية والأمنية في أحياء شرق العاصمة تشهد تدهوراً مستمراً نتيجة قلة الإمكانيات المطلوبة بفعل الحصار.
وأضاف “المرحوم” : نعمل مع باقي الشركاء في سبيل خدمة المدنيين المهجرين على تغطية الاحتياجات الأساسية لهم من غذاء ومراكز إيواء و تجهيزات لوجستية، في حين أننا نعاني من نقص الموارد اللازمة للنهوض بالوضع المعيشي لآلاف العوائل المنكوبة والتي حطت رحالها داخل الغوطة.
ويأتي هذا التصعيد متزامناً مع انعقاد مؤتمر جنيف في نسخته الرابعة برعاية أممية، الذي لم يفلح حتى الآن في نسخه السابقة بتخفيض مستوى العنف الذي طال المدن السورية، في حين يأمل السوريون وبشكل أساسي بإنهاء كابوس التغيير الديمغرافي الذي يتبعه النظام السوري في جميع المناطق بغية رسم خارطة جديدة متناسياً بذلك معاناة عشرات الآلاف من المدنيين الذين يقبعون تحت حصار أهلك الحرث والنسل.
محمد ياسر – المركز الصحفي السوري