سيناريو حل مفترض تطرحه إدارة ترمب قد تفاجئ به روسيا ودول الإقليم والمعارضة السورية وكذلك النظام الذي لا حول له ولا قوة.
تغيب الإدارة الأمريكية لفترة طويلة عن الملف السوري وذلك بإرادة منها ويطغى خلال ذلك الدور الروسي الذي استغل ذلك الغياب ليطرح مشاريع لحل المشكلة السورية وفق لمصالحه مع مراعاة مصالح الدول المتدخلة من أجل أن يبصر الحل النور.
تطرح روسيا مشروع المجلس العسكري وأثناء ذلك وبالتزامن تطرح فكرة تشكيل معارضة تلبي الأجندة الروسية وتنساق في الحل الذي تطرحه روسيا والذي يقوم على مشروع حل سياسي يعتمد على صناعة دستور سوري بأيدي روسية يتم فيه مراعاة مصالح بعض قوى المعارضة ويقدم على طاولة المفاوضات للوصول إلى خريطة حل يعتمد على أساس روسي ويواجه ذلك كممانعة وعطالة من المعارضة السورية التي ترى في مجمل الحلول الروسية إعادة تصنيع لنظام الأسد من جديد ولإفشال الثورة السورية التي بنى عليها الشعب السوري كل أحلامه طوال السنوات الست الماضية والتي دفع من أجلها الأرواح والدماء والمال ولم يبقى له شيء يتحسر عليه.
وتأتي إدارة ترمب الجديدة وترى إعادة توزيع خريطة النفوذ في سوريا من جديد فتسحب بعض الصلاحيات التي منحت لروسيا من إدارة أوباما وتطرح فكرة جديدة للحل في سوريا من خلال مشروع يعتمد على فرض مناطق آمنة إبتداءً للوصول إلى حل شامل في سورية.
ما هي حقيقة المناطق الآمنة والى ماذا تريد أن تصل من خلالها إدارة ترمب ؟
بناء على تسريبات حول حدود المناطق الآمنة التي ترسم من قبل إدارة ترمب الحديث يتكلم على ثلاث مناطق نفوذ واضحة يتم من خلالها رسم توزع النفوذ للقوى في تلك المناطق المحددة.
منطقة في جنوب سوريا تكون من خلال تفاهم أردني عربي ودول الخليج بحيث يتم فيها إعادة ترتيب المنطقة من خلال التحضير لإدارة ذاتية تسير شؤون المنطقة ويتم الضغط على الفصائل العسكرية للاندماج من خلال التأسيس لمجلس عسكري منظم يتم تطويره ليكون قوة عسكرية تساهم دول إقليمية في تدريبه وتحضيره للاندماج مع الجيش السوري في المرحلة القادمة بعد الوصول إلى حل شامل على كافة الأراضي السورية وبحيث يتم تجميع السلاح وتخزينه على آليات ترتيب الجيوش النظامية وتكون وظيفتها حماية المنطقة تحت إشراف غير مباشر لقوى التحالف, أما عن الفصائل التي لن تنصاع إلى ذلك المشروع سيكون أمامها خياران إما الترحيل إلى ادلب من جديد واستمرار مشروع المنفى الإجباري فيها أو تصنيفها قوى إرهابية يتوجب محاربتها.
منطقة في شمال سوريا والمقصود هنا منطقة درع الفرات وهي تمتد من غرب نهر الفرات إلى مدينة إعزاز وعمقا باتجاه الجنوب حتى الحدود الإدارية لمدينة حلب وهي منطقة نفوذ تركية والفصائل العسكرية المتواجدة في المنطقة كلها تنسق وتأخذ توجيهاتها من خلال إدارة ما يعرف بغرفة عمليات درع الفرات والإجراءات حول تمكين المجتمع المحلي انطلقت في هذه المنطقة وبدعم تركي منذ بداية معركة درع الفرات في مدينة جرابلس
منطقة شرق الفرات وتمتد حتى الحدود الشرقية لسوريا مع العراق وهي منطقة نفوذ أمريكية سيتم الاعتماد فيها على قوات سورية الديمقراطية والتطوير الإداري في المنطقة سيكون من خلال دعم دولتي ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وستضمن هذه المنطقة عدم الاحتكاك مع المنطقة المجاورة لها من تنسيق أمريكي تركي يضبط حالة التوتر مع الحزب الكوردي PYD ” ” المهيمن هناك على القوة العسكرية ويسيطر حاليا على إدارة المنطقة مدنيا وستضمن ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية عدم تغول نفوذ الكورد على العرب والتركمان الذين هم المكونات السكانية لهذه المنطقة.
ستبقى محافظة ادلب الثقب الأسود الذي يراد منه استيعاب كل الفصائل العسكرية التي ترفض هذا المخطط ويتم إرجاء الحل في هذه المنطقة إلى فترة طويلة ولكن مع ضمان محاصرتها ومتابعتها وخلق حالة توتر مستمرة فيها حتى يتم تحضيرها إلى سيناريو حل يتم توافق القوى المتدخلة حوله
السيناريو الأمريكي يتكلم عن مناطق يتم السيطرة و الإشراف عليها من خلال القوى صاحبة النفوذ فيها ولن تشكل هذه المناطق أي صراع أو اقتتال مع مناطق مجاورة فيها وأيضا ستكون هذه المناطق محضرة بشكل آمن جاهزة لأي تسوية سياسية تضمن فيها استقرار ونفوذ القوى لكل منطقة على حدة.
سيترك للروس ولإيران حالة ضبط باقي المناطق بحجة أنها مناطق نفوذ لهم ونواة لسوريا المفيدة بالنسبة لهم وسيكون العبء الأكبر عليهم من اجل الوصول إلى حالة مصالحات في المناطق المحاصرة التي تسيطر عليها الفصائل العسكرية المعارضة ويبقى مشروع ادلب هو الملاذ للرافضين للتسوية والمصالحات وسيستغرق المشروع وقتا وجهد على النظام ومن ورائه إيران وروسيا بحيث يكونان في حالة استنزاف كما تريد إدارة ترمب
هذا الأمر لن يكون بنفس الصعوبة على المنطقة الغربية والمحافظات الساحلية والتي تقع مسؤولية الاستقرار فيها بشكل مباشر على روسيا أما منطقة دمشق ومحيطها سيكون العبء الأكبر على القوات البرية للمليشيات الطائفية التي تقوم إيران في دفع الفاتورة بشكل كامل.
يظهر في هذا المخطط إضعاف للدور المركزي في النظام السياسي القادم و توزيع نفوذ الدول المتدخلة في الشأن السوري بشكل يضمن حالة الاستقرار السياسي في سوريا وسيتم سحب السلاح من أيدي الفصائل وتحويل هذه الفصائل إلى قوى شبه نظامية وذات مرجعية عسكرية منضبطة هذا سيناريو ترسم من خلاله إدارة ترمب عدم وجود قوى عسكرية غير منضبطة وإشراك القوى الإقليمية في إعادة البناء في سوريا وضمان نفوذ لها من خلال تطوير هذه الدول للمناطق التي ترعاها.
ويكون مشروع محاربة الإرهاب مدعوما من القرار السياسي في سوريا الجديدة وتكون مناطق سيطرة تنظيم الدولة هي مناطق عمليات ونفوذ أمريكية وهي تقرر من الذي سيشارك في قوات التدخل هناك مع مراعاة أن هذه المناطق هي مناطق الطاقة ومخزون الثروات في سوريا بعد اخذ الاعتبار أن الساحل السوري قد أصبح في مجال النفوذ الروسي.
ياسر النجار – ترك برس