كتبت ممثلة دنماركية شهيرة مقالاً عاطفياً عن اللاجئين السوريين لاقى رواجاً عالمياً، عبرت فيه عن استيائها وشكوكها تجاه بلدها الذي أقر أخيراً قانوناً يسمح بمصادرة المقتنيات الثمنية للاجئين.
صوفي غرابول التي بدأت شهرتها بدورها في فيلم “الربيع المبكر” عام 1986، قالت في مقال نشرته صحيفه “الغارديان” البريطانية الخميس 28 يناير/ كانون الثاني 2016 ” إنها تكاد تصبح غريبة، و لا تفتخر ببلدها مع انتشار مشهد توقيف الشرطة الدنماركية للاجئين ومصادرة أموالهم.
وكانت الدنمارك قد أقرت مؤخراً مشروع قانون ينص على مصادرة حلي ومجوهرات اللاجئين القادمين إلى البلاد، لتغطية نفقاتهم.
وغرابول مثلت في العديد من الأفلام، لكن شهرتها بدأت مع فيلم “الربيع المبكر” الذي أخرجه المخرج الدانماركي الشهير آستريد هينينغ يانسن في عام 1986، حيث لعبت دور البطولة وهي لم تتجاوز بعد عمر السابعة عشر. واشتهرت بلعب الأدوار العاطفية، لكن شهرتها العالمية بدأت بدورها في مسلسل “القتل” الذي عُرض على شاشة قناة BBC4 والذي حقق نجاحاً كاسحاً فازت على إثره غرابول البافتا وهي أرفع جائزة فنية في بريطانيا.
إلى تفاصيل المقال
أجد صعوبةً في التعرّف على بلدي في هذه اللحظة، أريد أن أفخر بالدانمارك، لكن هذا ليس سهلاً، أنا في لندن الآن، وحين أشاهد في الأخبار أن الدانمارك تسمح للشرطة بمصادرة ممتلكات اللاجئين أتألم”.
أفكر أن “العالم سينظر إلينا على أساس ما يحدث”، لا ندرك كيف سيُنظر إلينا في الخارج وأعتقد أن هذا الإجراء سيشوه صورةَ الدانمارك بشكل كبير. سيتوجب علينا
صُنعُ الكثير من المسلسلات التلفزيونية لنستعيد صورتنا، أليس كذلك؟
أشعر أن ما يحدث مثيرٌ للشفقة، فلدى الدانمارك الكثير من الموارد ونحن أحد أغنى دول العالم، مع ذلك، نريد أن نقف أمام الناس الذين يعانون من أسوأ حالات الضعف والذين قضوا أسابيع في رحلتهم للوصول إلى أرضنا لنتجادل معهم في ما إذا كان الذهب الذي يرتدونه يحمل قيمةً عاطفيةً أم لا. هذا مرعبٌ حقاً، فنحن نتحدث هنا عن أناسٍ فقدوا كل شيء.
ما قد يبدو غريباً للناس المنتمين لثقافات أخرى هو أن أننا فخورون بانفتاحنا على الحوار، حيث يُعبر كل شخص عن رأيه المختلف بحرية. لهذا الانفتاح منافعه، لكن له أخطاره أيضاً. لقد اعتدنا أن نسمع دعوات “حزب الشعب الدانماركي” اليميني البشعة لسنوات، واعتقدنا جميعاً أنه لا داعي للخوف منها، وأنهم يشكلون أقلية.
لكننا كنا مخطئين. لقد نما هذا الحزب بشكل كبير، من حزبٍ لم يأخذه أحد على محمل الجد إلى أكبر حزب يميني في الدانمارك، حسب ما أظهرت الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي، والآن يحكم رئيس وزرائنا البلد فقط لأنهم يدعمونه.
برأيي أن هذا القانون يهدف فقط إلى إسعادهم، وهو بمثابة رمي عظمةٍ لهم لكي يبقى رئيس الوزراء في منصبه. من المحبط أن يركع الحزب الحاكم، حزب فينستر، إلى هذه الدرجة. والكثير من السياسيين يحتجون وبعضهم استقال بسبب التوجه اليميني الذي يأخذه الحزب.
لأن هذا الشعور القومي ليس جديداً للغاية، فإن ما يصدمني حقاً هو أن حزب الشعب الدانماركي أصبح يمتلك فجأةً سلطةً هائلة. أنا مندهشة من تمرير القانون، كان من المفترض أن يكون للمعارضة الخارجية أن تؤثر على اتخاذ القرار، لكن هذا لم يحدث.
من المخيف أن نراهم يحاولون تبرير القانون بشكل عقلاني. إنه قانونٌ رمزي لن يؤثر على الميزانية، لا علاقة له بالاقتصاد، إنه عاطفي. وتقول الشرطة أنه غير قابلٍ للتنفيذ، فهم ليسوا خبراء وليست لديهم المعرفة ولا المهارة الكافية لتحديد ما هو قيّم وما هو ليس كذلك.
كل ما آمله، وبطريقةٍ عبثيةٍ نوعاً ما، أن الأمور ستسوء لدرجةٍ تدفع المعارضة إلى التصرف بقوةٍ أكبر. لكن الخطر الأكبر يكمن في هدفهم القادم، فإن كان تمرير هذا القانون ممكناً، تُرى ماذا ستكون الخطوة التالية؟
لازلت فخورةً بالدانمارك، فبعد السويد، هي أكثر بلد أوروبي ينفق على استقبال اللاجئين. أفكّر أننا يجب أن نرقى إلى القيم الإنسانية التي بُني عليها مجتمعناً. الدانمارك الحرة والمنفتحة التي أعرفها تأمل، بيأس، أن أيام هذه النزعة القومية معدودة.
هافنغتون بوست