من أكثر الأخبار التي يتابعها اللاجئون السوريون في أوروبا، هي تصريحات المسؤولين في تلك البلدان، عن آخر آرائهم ومواقفهم من موضوع اللجوء، بحثاً عما يشير إلى نيتهم إعادة اللاجئين إلى بلدانهم.
ويستطيع “عبد القادر”، اللاجئ السوري في فرنسا، أن يعدد عشرات الأسباب، حسب قوله، التي تمنعه من العودة إلى سوريا حتى لو استقرت الأمور فيها، لافتاً إلى أنه لا يريد على الأقل لأولاده، أن يجربوا عيشة القهر والذل والظلم التي عاشها واعتاد عليها، لدرجة أنه لم يعد قادراً على التأقلم مع الموطن الجديد، ويستفد من المزايا التي يوفرها له.
ويضيف: “أقسم أن أكثر كابوس يرعبني ليلاً، هو عندما أشاهد نفسي عائداً إلى سوريا وغير قادر على الخروج منها..!”.
ولا تتوقف آراء عبد القادر عند هذا الحد، فهو يرى أن الهجرة وتغيير المكان، هي دعوة إلهية عبر القرآن، عندما خاطب الله الناس بقوله: “إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُواا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا”.
هذه المواقف لا تقتصر على الناس البسطاء الذين وصلوا إلى أوروبا، إذ أن عبد القادر، لم يكن سوى عامل عادي في سوريا، وقد عانى الاعتقال لعدة أشهر، ثم ذاق مرارة التشرد والهجرة غير الشرعية عبر البحار والبراري، بل إن الأمر ينسحب كذلك على النخب وطبقة المتعلمين، حيث يرى “أحمد”، وهو مهندس يعيش في ألمانيا منذ ثلاث سنوات مع أسرته المكونة من أربعة أطفال، أن الظلم صعب وكذلك الحاجة والفاقة وعدم التقدير، كلها أمور أحس السوري حتى بتخيل صعوبة العودة إليها من جديد، عندما عاين عكسها في أوروبا، مشيراً إلى أن شروط عودة السوريين إلى بلدهم تزداد تعقيداً كلما طالت فترة إقامتهم في أوروبا، واعتاد أولادهم على نمط من الحياة، مختلف جذرياً عما هو في سوريا.
ويعتقد أحمد أن كل ما يقال عن صعوبات ومشاكل يواجهها السوريون في أوروبا، ليست أسباباً كافية للقول بأنهم ينتظرون بفارغ الصبر عودة الهدوء والاستقرار إلى بلدهم من أجل أن يعودوا إليه، بل هي بحسب رأيه تخص اللاجئين في دول الجوار العربي، حيث يعيش السوريون هناك ظروفاً صعبة، إنسانية واقتصادية واجتماعية.
بدوره، يقول “وائل” المقيم في بلجيكا، أن الكثير من السوريين، يحتجون بأولادهم بأنهم لا يستطيعون إرغامهم على العودة، بينما هم أنفسهم أول المناهضين للعودة.
ويتابع وائل، أنه غير متزوج، ومع ذلك غير تواق للعودة لحياة الذل والعبودية التي كان يحياها في سوريا، مستذكراً سنوات وظيفته الخمس التي أمضاها في سوريا، والتي كان غيره من المدعومين يحصد المزايا فيها، بينما هو كان عليه العمل بجد، من أجل أن يحصل على الرضى فقط.
وبحسب وائل، فإن أكثر ما يرعب السوري الذي لجأ إلى أوروبا، هو فعلاً فكرة العودة إلى سوريا أو أي دولة عربية أخرى. مؤكداً حسب قوله، أنه يجب نسيان السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا وإخراجهم من الحسابات السكانية مستقبلاً..
المصدر قاسيون