تتعرض الليرة السورية إلى ضغوطات اقتصادية أدت إلى تراجع قيمتها أمام الدولار، ووصولها إلى مستويات قياسية، مع غياب أي مؤشرات على تحسنها على المدى المنظور وسط صمت من قبل حكومة النظام ومصرف سوريا المركزي.
والملفات التي تؤثر على الليرة السورية كثيرة، منها توقف عجلة الإنتاج إضافة إلى توقف التصدير، الذي كان يعتبر الباب الأول لإدخال القطع الأجنبي إلى سوريا، إلى جانب العقوبات المفروضة على النظام السوري وتوقف الاستثمارات.
لكن خلال المرحلة الحالية، ومع تطور الأحدث على الساحة السورية، يوجد ملفان يضيّقان الخناق على الليرة أكثر فأكثر.
الملف الأول يكمن في الصراع بين رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وبين حكومة النظام، من أجل دفعه للتنازل عن أملاكه في شركة “سيريتل” للحكومة.
وظهر مخلوف في ثلاثة تسجيلات مرئية، منذ 30 من نيسان الماضي حتى الأحد الماضي، وتحدث فيها عن ضغوطات يتعرض لها من أصحاب القرار في سوريا، من أجل التنازل عن أملاكه معلنًا بشكل صريح أنه لن يتنازل.
وهدد مخلوف، الذي يسيطر على 60% من اقتصاد سوريا بحسب تقارير إعلامية روسية، بكارثة على الاقتصاد السوري، في حال عدم حل الخلاف واستمرار السيطرة على شركة “سيريتل”.
وقال إن الهجوم على الشركة لن يؤدي إلا إلى خرابها، وهي “التي ترفد الاقتصاد الوطني وتخدم قطاعات واسعة في سوريا”، واصفًا إياها بـ”إحدى أنجح الشركات في العالم العربي”.
وبالنظر إلى سعر صرف الدولار قبل وبعد تسجيلات مخلوف، يظهر أثر هذه الخلافات على الليرة، إذ كان سعر صرف الليرة قبل 30 من نيسان الماضي 1250 ليرة للدولار الواحد، في حين بلغ اليوم، الثلاثاء 19 من أيار، 1820 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.
“قيصر” يقترب
أما الملف الثاني فهو تطبيق قانون “قيصر” الذي وقّعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في كانون الأول 2019، ويدخل حيز التنفيذ مطلع حزيران المقبل.
وينص القانون على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.
ويشمل القانون كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، حتى روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سوريا.
ويدرس القانون شمل البنك المركزي السوري بالعقوبات المفروضة، مع وضعه لائحة بقيادات ومسؤولي النظام السوري المقترح فرض العقوبات عليهم، بدءًا من رئيس النظام، بشار الأسد، بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان.
ويأتي ذلك في ظل صمت مصرف سوريا المركزي حول أسباب رفع سعر الصرف، والإجراءات التي يمكن اتخاذها لمنع تراجع قيمة الليرة.
ولم يصدر أي تصريح من قبل “المركزي” باستثناء نفي كلام منسوب لحاكم المصرف، حازم قرفول، حول فقدان الحلول.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي تصريحًا لقرفول منسوبًا لقناة “سما” الفضائية بأن “الحلول انتهت ولم يعد بإمكان المصرف الحفاظ على سعر الصرف وقد يصل إلى آلاف الليرات”.
لكن المصرف نفى ذلك، وقال في بيان عبر صفحته في “فيس بوك”، إن “مصرف سوريا المركزي ينفي نفيًا قاطعًا أن يكون السيد الحاكم قد أدلى بأي تصريح يتعلق بسعر الصرف لأي جهة إعلامية”.
واعتبر أن “ما يتم تداوله من إشاعات مغرضة، هدفها زيادة الضغط على الوضع الاقتصادي والمعيشي الناجم عن العقوبات القسرية الأحادية الجانب المفروضة على الجمهورية العربية السورية”.
عنب بلدي