تشهد العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا علامات واضحة على استعادة الحيوية بعد سنوات من الركود، وسط مساعٍ متزايدة لإعادة فتح قنوات التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وفي هذا الإطار، نظمت جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (MÜSİAD) – فرع غازي عنتاب، أمس، ملتقى اقتصادي موسع بعنوان “آفاق التعاون التجاري بين تركيا وسوريا”، بمشاركة واسعة من رجال الأعمال السوريين والأتراك، وبحضور رسمي واقتصادي رفيع المستوى، وقد أدار الملتقى نائب رئيس اللجنة محمد صالح بالتا، وحضره أكثر من مئتي رجل أعمال وصناعي من الجانبين
افتتح رئيس فرع الجمعية في غازي عنتاب، فرقان أوزدوردو، الجلسة مؤكدًا أن الهدف الرئيسي لهذا اللقاء هو إعادة بناء الروابط التجارية بين سوريا وتركيا بعد فترة طويلة من الانقطاع، مشيرًا إلى أن الملتقى يتيح تقريب المسافات بين الأسواق، “بمعنى أننا جلبنا حلب إلى غازي عنتاب”، وأوضح أوزدوردو أن الجمعية تطمح للوصول بحجم التجارة بين البلدين إلى خمسة مليارات دولار خلال فترة قصيرة، معربًا عن تفاؤله بأن المرحلة المقبلة ستفتح فرصًا واسعة أمام رجال الأعمال، خصوصًا مع الجهود المكثفة لوزير التجارة التركي عمر بولات لإزالة العقبات وتسهيل حركة البضائع والاستثمارات، وأضاف أن الملتقى جاء لمناقشة النظام الجمركي وإجراءات تأسيس الشركات وفرص الاستثمار في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية، مؤكدًا أن تركيا تعتبر سوريا شريكًا اقتصاديًا طبيعيًا في المنطقة وليست منافسًا، وأن رغبة رجال الأعمال في البلدين في العودة إلى مرحلة ما قبل الحرب قوية وواضحة
من جانبه، شدد رئيس غرفة تجارة حلب، محمد سعيد شيخ الكار، على أهمية هذه اللقاءات في استعادة الثقة بين الفعاليات الاقتصادية السورية والتركية، مشيرًا إلى أن المدينتين ترتبطان بعلاقات تاريخية تمتد لعقود طويلة، وقال شيخ الكار إن هذه اللقاءات ستسهم في تنشيط الحركة التجارية بين البلدين، كما أن الشراكة الاستراتيجية بين حلب وغازي عنتاب، من خلال المشاريع والاستثمارات المشتركة، ستلعب دورًا أساسيًا في إنعاش الاقتصادين السوري والتركي، وأضاف أن الصناعيين الأتراك يمتلكون خبرات واسعة في الصناعات التحويلية والغذائية والنسيجية، وهذه الخبرات يمكن أن تدعم مشروعات إعادة الإعمار في سوريا، داعيًا إلى إنشاء مجالس أعمال مشتركة لتجاوز العقبات الإدارية والقانونية
بدوره، أكد نائب رئيس منتدى الأعمال الدولي، غازي مصري، أن اللقاءات الاقتصادية المباشرة تعتبر فرصة مهمة لفهم واقع السوق السورية والفرص الاستثمارية المتاحة، مضيفًا أن النقاش تناول موضوعات رئيسية مثل آليات التجارة والاستثمار والبيئة القانونية المناسبة للمشاريع المستقبلية، معتبرًا أن هذا الملتقى قد يكون نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأشار مصري إلى أن المنتدى يسعى لتشجيع رجال الأعمال الأتراك على استكشاف فرص استثمارية في المدن السورية الكبرى مثل حلب ودمشق وحمص، مؤكدًا أن سوريا تمتلك مقومات صناعية وزراعية قوية يمكن أن تكون قاعدة صلبة للتكامل الاقتصادي مع تركيا
وتعكس هذه الفعالية رغبة الطرفين في إحياء التعاون الاقتصادي السوري – التركي، وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد، مع التركيز على تسهيل الإجراءات الاستثمارية وتذليل العقبات، بما يضمن تحقيق مصالح مشتركة وتعزيز التكامل بين الأسواق السورية والتركية