لم يجد السوريون سبيلاً للنجاة من القصف الجوي المتواصل الذي يتعرضون له من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه، سوى اللجوء إلى الملاجئ تحت الأرض والتي أصبحت واحدة من الوسائل التي يحتمي بها المدنيون في مناطق سيطرة المعارضة.
ونظراً لندرة الملاجئ المخصصة لهذا الغرض، فقد شهدت تلك المناطق انتشار ظاهرة الملاجئ الفردية التي يقوم المواطنون بحفرها وإيواء عائلاتهم فيها عندما يبدأ القصف على المدينة.
وبالرغم من الحاجة الملحة لها، فإن القدرة على حفر ملجأ تحت الأبنية، أو إيجاد مساحة فارغة بالقرب من المنزل لحفره، ليس في متناول الجميع.
“أبو عمر الدوماني” من مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، من بين الذين حالفهم الحظ ووجد مساحة صغيرة فارغة بالقرب من منزله في أحد الأحياء الشعبية بالمدينة، حيث قام بحفر ملجأ صغير تحت الأرض على عمق 4 أمتار، له ولعائلته المكونة من 6 أفراد، وجهزه بالاحتياجات الأساسية جداً مثل عبوات الماء، وبساط للجلوس، وبعض البطانيات.
وفي كل حالة قصف يهرع “دوماني” مع زوجته وأطفاله إلى الملجأ حيث ينزلون إليه بسلم طويل، ويجلسون فيها بانتظار مغادرة الطائرات للأجواء، ليخرجوا منها.
وهكذا يتكرر المشهد مع العائلة بشكل شبه يومي، لاسيما وأنها تسكن في منزل عربي قديم مصنوع من الطوب اللبن وبمنطقة عشوائية لا يوجد فيها لا شقق ولا عمارات ولا حتى أقبية للجوء إليها وقت القصف.
ويُشير رب الأسرة إلى أن المكان الذي قام بتجهيزه، عبارة عن ممر سرداب، يؤدي إلى غرفة تحت الأرض على عمق 4 أمتار، يبلغ طولها مترين وعرضها 70 سنتيمتر تقريبا وارتفاعها 190 سنتيمتر، وهي مزودة بفتحة تهوية.
ويقول الرجل إنه قضى أسبوعين كاملين من العمل الشاق حتى انتهى من العمل، وذلك باستخدام وسائل الحفر اليدوية.
ويُلفت إلى أنه استفاد في تجهيز الملجأ من خبرته كعامل بناء، خاصة وأن الحفر يحتاج لدراية بموضوع طبقات التربة لضمان عدم انهياره.
ويسعى “دوماني” حالياً لتوسيع المكان ليتسع لكافة أبناء الحي، وبعدها سيقوم بتزويده بسلم معدني لتسهيل نزول الأشخاص وخاصة الأطفال إليه.
الناشط الإعلامي من دوما، “أبو الحسن الأندلسي”، قال إن مدينته من أكثر المدن التي تتعرض للقصف من قبل نظام الأسد والقوات الروسية، ومع ذلك فإنها تعاني من نقص كبير في الملاجئ، حيث لا تغطي سوى 10% من الحاجة في مدينة تقطنها نحو 25 ألف عائلة.
الأندلسي نوه بأن المواطنين الذين لا يملكون الملاجئ، يهربون إلى مداخل الأبنية والأقبية.
ووفق الناشط الإعلامي، فإن ظاهرة حفر الملاجئ في ازدياد، خاصة مع فقدان الأمل بأية تهدئة مستقبلية قريبة.
ودوما هي أحد أكبر مدن الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، ومن أوائل المدن التي شهدت مظاهرات مناهضة للنظام السوري عند انطلاق الثورة في البلاد في مارس/آذار 2011.
ونالت المدينة النصيب الأكبر من قصف النظام على الغوطة، حيث وقعت فيها العديد من المجازر أكبرها تلك التي استهدفت سوقها في 16 أغسطس/آب 2015، و قتل فيها أكثر من 110 أشخاص وأصيب 300 آخرين.
محمد مستو_الأناضول