مع أول أسبوع من عام 2015 فاجأت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في مصر، اللاجئين السوريين برسائل نصية على هواتفهم تنص على تخفيض قيمة الكوبون الغذائي إلى 120 جنيهاً مصريّاً بعد أن كان 200 جنيهاً.
وقد أحدث هذا الأمر موجة غضب عارمة بين أوساط السوريين هناك، وأحسوا أن المفوضية تتخلى عنهم شيئاً فشيئاً بدءاً بقطع رواتب العائلات إلا لحالات خاصة جداً مروراً بتخفيض قيمة المنح الدراسية إلى الربع حتى وصل الأمر اليوم للكوبون الغذائي.
وتقول مراسلة “السورية نت” رهف سلطان “بعد أن كان اللاجئ السوري يتلقى 400 جنيهاً مصرياً عن كل طفل كمنحة تعليمية انخفض المبلغ إلى مئة جنيه مصري فقط، حتى الرعاية الصحية التي كانت المفوضية تتكفل بجزء منها تخلت عنها ومنعت اللاجئين السوريين منها حتى اضطروا إلى الذهاب إلى المستوصفات الحكومية”.
وأوضحت منظمة الغذاء العالمي الممولة من قبل الأمم المتحدة أنها لن تستثنِ أحداً من الكوبون الغذائي، لكن مراسلتنا نقلت عن العديد من الأهالي أن “أبناءهم فوق 18 سنة لم يعودوا يتلقون الكوبون الغذائي، كما يؤكد بعضهم ممن أجرى تعديلات على بياناته في مكتب الأمم المتحدة أنه حُرِمَ من الكوبون الغذائي بعد قيامه بهذه التعديلات”.
تقييم جديد
ومع دخول ديسمبر/كانون الثاني 2014 بدأت المفوضية ببرنامج إعادة تقييمها الجديد والذي بموجبه ستحدد لكل عائلة سورية ما الذي تستحقه من مساعدات المفوضية، سواء كانت مالية أم عينية أم غذائية أم صحية.
وتقول مراسلتنا: “تقوم هيكلة البرنامج على زيارة العائلات السورية جميعها في المنزل خلال مدة ستة شهور ودراسة الحالة الاجتماعية لها، وبعد 60 يوماً من عمل المقابلة المنزلية تقوم المفوضية بإرسال رسائل نصية تنص على المساعدات التي يستحقها اللاجئ، وإذا لم ترسل أية رسالة خلال ستين يوماً فهذا يعني أن اللاجئ لا يستحق شيئاً من هذه المساعدات ويحق له التقدم بطلب آخر لمقابلة منزلية أخرى لكنه سينتظر على طابور المحتاجين من السوريين وينتظر 60 يوماً أخرى ليتلقى مساعداته”.
وتلفت سلطان إلى أنه “من المتوقع ألا يكون هناك زيادة في الدعم للمحرومين في هذا البرنامج الجديد للتقييم بل على العكس سيتم استثناء الكثيرين منهم كما يوضح أحد المقربين من لجنة التقييم في المفوضية”.
أسئلة وقحة
والأسوأ من هذا كله كما تنقل مراسلة “السورية نت” أن اللاجئين السوريين في مصر بدأوا يشعرون بسخط كبير بسبب الأسئلة التي “تزداد وقاحة” حسب وجهة نظرهم يوماً بعد يوم من قبل المفوضية.
وفي إحدى الزيارات التي قامت بها إحدى الجمعية الموكلة من المفوضية في الاسكندرية يسأل الأخصائي السيدة الخمسينية والتي تقيم مع طفلها وحدهما في المنزل: “كم تأكلون من اللحم شهرياً؟ ومن السمك؟ ومن الدجاج؟ كم رغيفاً من الخبز تأكلون في اليوم؟ وكم وجبة تتناولون؟ هل تأكلون الفواكه؟ ما هي أنواع الفواكه التي تأكلونها؟ هل تتفسحون؟ أين تذهبون؟ سيراً على الأقدام أم تركبون الباص؟ كم تدفعون؟ هل تأكلون الشوكولا وتشربون الكولا؟ هل تشترون الحلويات؟ ومن أين؟ هل تلبسين الذهب؟ هل لدى ابنك ألعاب ترفيهية؟ ماذا تشترون من الملابس؟”
ثم يطلبون أن يلقوا نظرة على جهاز الموبايل الذي تحمله السيدة، فإن كان هاتفاً ذكياً فهذا يعني أن الشخص الذي أمامهم لا يستحق المساعدة، وإن كان عادياً سينظر في أمره!
ثم يقلبون النظرات في المنزل بحثاً عن أجهزة حديثة أخرى كالأجهزة اللوحية والكمبيوترات!
ويتابعون بسؤال السيدة عن أصولها كلهم و”أين يقيمون وكيف يعيشون، وهل يرسل لها أحد من الجيران الأكل”! وهذا ما جعل السيدة غضبها من هذه الأسئلة، ولا تخفي دمعتها قائلة: “ما جينا نحنا نشحد لهون، إذا ما ذلنا الأسد بذلونا هنن”.
مفوضية تتسول
ويرى الكثير من السوريين أن المفوضية باتت تتسول باسمهم في مصر بل في جميع الدول العربية، إذ أنها في كل يوم تلجأ لقرار جديد ينص على قطع المساعدات، في الوقت الذي لا تخفض رواتب موظفيها والتي تبلغ نسبتها 40 بالمئة من مجموع التبرعات التي تصلها.
ويرى حسان أحد العاملين في محلات الحلويات السورية، أن المفوضية ومعها برنامج الغذاء العالمي “يخرج علينا مطلع كل شهر ليعلن إفلاسه ونقص التمويل عنده في محاولة منه لإقناع السوريين هناك بأنه فعلاً لايوجد تمويل إلا أن الظاهر عكس ذلك تماماً”.
ويسهب في القول لمراسلتنا “أن المفوضية قامت في الربع الأول من عام 2014 بإحداث مشروع تدريب وتوظيف للاجئين بعدما قطعت رواتبهم، وأوضحت المفوضية أنها قامت بقطع الرواتب عن اللاجئين لتمويل هذا المشروع، لكن ما حدث أن المشروع كان فاشلاً بكل معنى الكلمة حيث أن المفوضية لم توظف أحداً”.
ويتابع “حتى الدورات التدريبية التي قامت بعملها لم تكن لتفيدنا شيئاً في حياتنا العملية، فأنا كمدرس لغة إنكليزية رفضت المفوضية مساعدتي في التمويل لمشروعي حيث طلبت مبلغاً صغيراً لتعمل زوجتي في الخياطة إلا أنه وبعد زيارات متكررة وأسئلة طلبوا مني الانتظار حتى يتصلوا بي هم، وعندما ذهبت لمراجعتهم في يناير/كانون الأول 2015 وجدت مكتب المشروع قد أغلق وأعلنت المفوضية فشل المشروع، ولم تعلن أنها مولته من حقوقنا نحن اللاجئين ومن الأموال المرسلة على اسمنا دون أن نستفيد منها شيئاً”.
ويتابع حسان، “وها أنا كما ترون أبيع الحلويات بعدما رميت شهادتي الجامعية، وأعمل 12 ساعة لأؤمن فقط أجرة المنزل لأغرق باقي الوقت في ديوني”.
مستغلون
ويشتكي حسان من وجود بعض السوريين الذين يأخذون رواتب ومساعدات شتوية وغذائية وهم غير مستحقين لها، حيث يقومون باستئجار منزل بأثاث سيء وفي منطقة سيئة، وعندما تأتي المفوضية لزيارتهم يلفقون الأكاذيب لها.
ويقول حسان “أعرف أحدهم وهو تاجر عنده 3 محلات في الاسكندرية وضعفها في القاهرة ومثلها في كندا والإمارات إضافة لمحلاته في سورية، ومع ذلك يأخذ راتباً من المفوضية، فأي تقييم هذا الذي يتحدثون عنه”؟!
حاجة السوريين في مصر والتي تلازمت مع الغضب دفعتهم مراراً وتكراراً إلى أن يذهبوا ويعتصموا أمام مبنى المفوضية إلا أن الخوف من إغلاق ملفاتهم وقطع كل شيء عنهم أو ترحيلهم إلى سورية يمنعهم من رفع صوتهم بشكل قوي، فإلى متى يبقى السوريون في مصر رهينة قرارات تتخذها المفوضية دون أي مبرر؟ وإلى متى تكف المفوضية عن إشعار السوريين هناك بأنهم متسولين وتعاملهم قليلاً بناء على الهدف الذي قامت من أجله كمنظمة لحقوق الإنسان؟، سؤال تنقله “السورية نت” عمن التقتهم.