حدود تركية سورية باتت معبر أمان للفارين السوريين نتيجة الحرب الدائرة في سورية، وبوابة رزق لكافة التجار المستفيدين والمستغلين من تلك الحرب، فأرباحهم زادت أضعاف عما كانت عليه قبل الحرب السورية.
“أبو محمود” أحد مهربي الثروة الحيوانية القدامى الذي ترك هذه المهنة نتيجة تقدمه بالعمر يقول: ” كنا نعاني أثناء تهريب الأبقار على أيام وجود النظام السوري في المناطق الحدودية من صعوبات جمة، فسفرنا خفية من أعين الناس لأنها مهنة سلب بنظرهم أقحمتنا باشتباكات كثيرة واجهناها مع عناصر الجمارك أودت بحياة الكثيرين من التجار، ناهيك عن المبالغ المالية الباهظة التي ندفعها لهم في حال لم يواجهونا بالسلاح”.
بعد الثورة السورية وسيطرة الفصائل المعارضة على معظم الحدود السورية التركية أضحت التجارة على الحدود أمر أقل خطورة وسهولة وتهريب بعض المحروقات والمواد التموينية وغيرها أمر طبيعي يتم أمام أعين الناس لأن التجارة تعتبر شطارة بزمن لا تتوفر فيه الموارد المالية لإعالة الأفراد بحياتهم اليومية الصعبة والغلاء الكبير بحكم الحصار المطبق على سكان سوريا.
أبو عدنان مهرب انتعشت مهنته خلال الثورة وأصبح تهريب الثروة الحيوانية عبر قرية خربة الجوز بريف إدلب سبيلا لديه يجني من خلاله الثروة المالية الكبيرة يقول:” رغم القيود القليلة التي لازالت تعترض طريقنا إلى الأن، إلا أنها لا تؤثر كثيرا على أرباحنا فمثلا في حال قطعنا الحدود السورية ووصلنا للجانب التركي وتم القبض علينا من “الجندرمة “التركية يقومون بأخذ البقرة المهربة كمصادرة ويفرجون علينا، بالتالي فإن تهريب البقر أيسر من تهريب البشر، لأنه بمجرد أن تصبح البقرة داخل المدينة التركية أنطاكية إذا لم يتم اعتراضنا، توضع الحلقة المعدنية بأذنها ويضحي التميز أنها بقرة سورية أمر صعب نسبيا”.
صحيح أن الوجوه المسيطرة على الموارد على أيام النظام من رؤوسه المقربة تبدلت والأدوار انقلبت، إلا ان الخسارة الاقتصادية على الشعب والمجتمع السوري بقيت على ماهي، فالاحتكار على يد التجار المهربين لكافة المواد الذين اغتنوا على غفلة، وكان التهريب كنزهم الخفي، ارتدت سلبيته على المواطن السوري الباحث عن لقمة عيشه، وعلى الاقتصاد السوري المتدهور باضطراد.
فإذا كان التهريب نقمة على سوريا فإنه بنفس الوقت نعمة على الاقتصاد التركي الذي يتحسن إنتاجه الزراعي نتيجة دخول أراضيه مثل هذه الثروات وبأقل تكلفة، فيتم تداول هذه الموارد بشكل كبير يعود بالنفع المادي على جوانب تجارية عديدة وتجار أتراك كثر.
احمد أحد التجار الأتراك يقول:” نأخذ الموارد الحيوانية كالأبقار من المهربين السوريين بأبغث ثمن، ونعاود تصديرها إلى سورية على شكل لحوم مجمدة مغلفة بأغلى سعر، فتكون أرباحنا ضعف أرباحهم لاستمرارية إنتاج هذه الأبقار، ونساهم بتطوير الاقتصاد التركي بشكل كبير”.
لكن التهريب الذي يعتبر حبل الحياة لمهربيه ولفئات معينة، سيبقى جريمة بحق الاقتصاد السوري على كافة الأصعدة، وسيكون الفرد السوري أكبر ضحية لهذا الافتراس الغير شرعي.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن