المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 14/1/2015
العنف الشديد والنزوح، ومقتل العديد من المعلمين وهروبهم، ودمار المدارس وسوء استخدامها، وعوامل أخرى أيضاً ساهمت في تسرب الطلاب السوريين من المدارس بشكل سريع وكبير جداً، بالإضافة إلى غياب تفعيل القانون، حيث أن التعليم في سوريا كان إلزامياً إلى سن 15 عاماً، من قبل “النظام”، وكانت تتخذ بحق أولياء أمور الطلاب المتسربين، عقوبات رادعة.
فالذي كان يتخذ هذه الإجراءات الصارمة بالأمس، أصبح اليوم يقتل الأطفال والطلاب والمعلمين ويشرد ويدمر المدارس، مما أدى إلى إجحام الأطفال عن التعليم، ولم يجد الآباء الخيار لديهم سوى الإبقاء على أطفالهم في المنزل، وخاصتاً الفتيات بدلاً من المخاطرة بإرسالهم إلى المدرسة.
إن ظاهرة الفقر وظروف المعيشة الصعبة والحاجة لعمالة الأطفال، من الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة تسرب طلاب المدارس. أطفال في عمر الزهور يتركون المدرسة ويعملون في مهن مختلفة، كجمع القمامة من البلاستيك والألمنيوم وغيرها من النفايات والخردة لبيعها، لتحملوا أعباء مصروف الأسرة مع أهلهم، كما يفعل “غسان” إبن 13 عاماً، من ريف إدلب، كان غسان من الطلاب المتفوقين بصفه بشهادة معلمه “هيثم”أستاذه في المدرسة، لقد ترك “غسان” المدرسة منذ سنتين رغم تفوقه فيها، ليلتحق بجمع القمامة وبيع الخردة، لمساعدة أبوه المنشق من شرطة النظام، في مصاريف الأسرة، وغسان ليس الوحيد الذي ترك دراسته لكي يعمل، فهناك عدد كبير من الطلبة الذين إنقطعوا عن الدراسة بدافع البحث عن العمل.
وهذه الحالات ليست سوى غيض من فيض فظاهرة ما تزال تعاني منها الكثير من مناطق سوريا، لاسيما في شرق وشمال البلاد، فهناك محافظات خالية من الأمية كالسويداء وطرطوس والاذقية، وأخرى تتفشى فيها ظاهرة التسرب مثل الحسكة والرقة وحلب ودير الزور وإدلب،ودائماً الريف يعاني من نسبة تسرب عالية في المدارس كثر من المدن، ربما لأن المدن تعد أكثر أماناً من الريف.
وتعد ظاهرة التسرب من المشكلات الكبيرة التي تعاني منها سوريا، وذلك بسبب انعكاساتها السلبية على سوق العمل، من نقص الكوادر والمهارات اللازمة للشركات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن ذلك يحرُم المجتمع السوري ككل من أصحاب القدرات العقلية العالية الذين يسهمون في زيادة القدرة التنافسية لهذه المؤسسات وفي تقدم المجتمع.
وفي سورية أكثر 40% من المدارس التي دمرت أو ألحق بها ضرر نتيجة للقصف أو الأعمال التخريبية، أو أصبحت مركزاً لإواء النازحين والمشردين.
“أبو جمال” من ريف إدلب أجبر ابنه جمال على ترك دراسته وهو في الصف الثامن ليجلس في البيت، وعندما سألت “أبو جمال” عن السبب الذي جعله يمنع ابنه من الذهاب إلى المدرسة، رغم تفوقه فيها. قال لي: أن يبقى ابني جاهلاً أفضل من أن أفقده، إن خوفي عليه هو الذي جعلني أمنعه من الذهاب إلى المدرسة، خاصةً أن النظام قد إستهدف المدارس عدة مرات، وأضاف أيضاً بقوله “إن نظام بشار طالما يعتبرنا مثل الذباب ويقتّل فينا فلا داعياً للعلم لنا.
أما الأستاذ “خالد” مدير أحد المدارس بريف إدلب الجنوبي فقال: يوجد في سجلات المدرسة 368 طالب، الطلاب المداومين 192 طالب والطلاب المتسربين 176 طالب، ويرى أن من أسباب تسرب الطلبة من المدارس يأتي من خلال عدم جدية الآباء بتعليم أبنائهم وأملهم بأن الأزمة السورية ستنتهي قريباً ومن ثم نرسل أبنائنا إلى المدرسة، فضلا عن عدم توفر المصروف اليومي للأطفال مع ذويهم.
ترى ماهو مستقبل هؤلاء بعد ترك المدرسة؟ وما هي مدى ثقافة الجيل القادم؟!