لطالما كان الهدف من معسكرات التخييم التدريبية التي تقام في معظم مدارس دول العالم، اعتماد التلاميذ على أنفسهم وتعزيز الثقة بالنفس، بالإضافة لإجبارهم على التعايش مع بيئة جديدة والتأقلم مع الظروف التي تفرض عليهم، وقضائهم فترة من الزمن مع زملائهم وذلك للاستفادة في تبادل الخبرات ومراقبة أنفسهم أمام بعضهم لتلافي أي تصرف سلبي قد يصدر عنهم.
ففي سوريا قبل الثورة السورية كانت المعسكرات التدريبية بكافة المراحل التعليمية ابتداء بمعسكر الطلائع وانتهاء بمعسكرات التدريب التي تفرض على الطلاب في الجامعات والمعاهد، عبارة عن مرحلة تمهيدية لخدمة العلم فلا تشبه بنشاطاتها مثيلاتها في الدول المتقدمة، بل كانت لغرس الروح البعثية في نفوس الطلاب وتمجيدا لروح الخالد حافظ الأسد وتعظيما لمنجزات ابنه بشار حسب زعمهم.
فكانت مخيمات اللجوء سواء في الداخل السوري أو في الخارج مثالا حيا يعيشه السوريون بكافة نشاطاته المأساوية، لتتجلى آثارها السلبية على حياة الأطفال بشكل خاص، ونظرا لذلك قامت مجموعة من المدارس في النرويج بإنشاء معسكرات وهمية عبر برنامج للأطفال كي يعيشوا خلاله حياة الأطفال اللاجئين السوريين ويتعرفوا على معاناتهم والظروف السيئة التي يجبرون على التعايش معها.
ولعل الغرض من ذلك البرنامج أن يعيشوا بمساحات ضيقة وغير صحية وينتظروا دورهم في طوابير ليحصلوا على الطعام، بالإضافة للضغوطات النفسية الأخرى المرافقة لحياتهم في المخيمات كالخوف والهلع وعدم الشعور بالأمان واضطرارهم للنوم ليلا في خيام قد تكون مهترئة ومكشوفة في الطقوس الباردة.
كان للبرنامج وقع إيجابي لدى الكثير من المتابعين لما له من أهمية تعليمية في نفوس الأطفال، حيث تعلموا كيف يتعاطفون مع أطفال اللاجئين ويضعوا أنفسهم مكانهم، فقام بعض منهم بالتبرع بقسم من ملابسهم وببعض الأدوات المنزلية لهم.
لانستطيع أن نخفي الجانب الإنساني وراء مثل هذا البرنامج، إلا أنه حري بهم أن يحلوا مشكلة آلاف السوريين العالقين على الحدود المقدونية، والذين ينتظرون قرارا منصفا بحقهم بعد أن خاضوا معاناة قطع بحر إيجة لتغلق بوجههم الحدود، فكانت الخيام بانتظارهم ليفترشوها في قارعة الطريق، وليعيشوا حياة لاتقل مأساوية عن تلك التي فروا منها في وطنهم الأم سوريا.
راما طفلة سورية نازحة من ريف حلب وتعيش في ريف ادلب :” مللت من حياة التنقلات المستمرة والنزوح مع عائلتي من مكان لآخر، كلما تعرفت على أصدقاء جدد أجبر على تركهم، حياتنا لاتعرف الاستقرار، كل أقربائي مشردون إلى متى سنبقى على هذا الحال، كل يوم يمضي أدعو ربي أن نعود لبيتنا ويعود كل مشرد ونازح ولاجئ لوطنه، فلا يشعر بحالنا سوا من ذاق اللوعة”.
أطفال سوريا رغم كل المعاناة والحياة الصعبة التي أرغموا على عيشها، جعلت منهم رجالا ونساء ليكبروا قبل أوانهم ويتحملوا أعباء إضافية لاتتناسب مع عمرهم، فهم لايريدون من أطفال العالم أن يشعروا بهمومهم ويعيشوا تجربة لجوئهم ولا أن يشفقوا عليهم، بل جل ما يطمحون إليه أن يكون لهم سقف بيت يحميهم من ظلم البشر وغدرهم.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري