“حلب ترحب بكم”، عبارة لطالما حلمت أم جواد منذ ثلاث سنوات بتمتيع ناظريها بها على الطريق الذي يوصلها إلى مدينتها حلب الشهباء، كم كان صعبا عليها أن تغادرها وفي كل شارع من شوارعها العريقة ألف قصة وحكاية، وعلى جدرانها العتيقة تركت ذكريات جميلة يصعب نسيانها، فخرجت منها برفقة عائلتها باتجاه ريف ادلب بعد أن طلب أبلغ النظام ابنيها للالتحاق بالخدمة الإلزامية في صفوف جيشه.
وأبصرت أم جواد النور وتفاءلت بتحقيق حلمها عندما أطلقت فصائل جيش الفتح معركة لفك الحصار عن أحيائها الشرقية ومتابعة تحرير حلب بالكامل من قبضة النظام، فتراها تجلس وبيدها “القبضة” وتترقب بصمت مجريات المعركة وهي تدعو لهم بصوت ممزوج بالأمل أن يمدهم الله بالقوة والصبر، فقد استطاعوا في المرحلة الأولى من المعركة تحرير كل من ضاحية الأسد ومنيان ومشروع 1070 شقة، لتنطلق بعدها المرحلة الثانية بالتمهيد المدفعي على مشروع 3000 وحلب الجديدة بالإضافة لثلاث مفخخات ضربت مواقعهم في الحي.
وتمكنت الفصائل المشاركة في المعركة من تحرير عدة أبنية في حلب الجديدة على أمل منهم أن يؤدوا صلاة الجمعة في أحد جوامع الحي ومازالت الاشتباكات مستمرة بين الطرفين وسط خسائر بشرية كبيرة في صفوف النظام، حيث اكتظ مشفى الموكامبو بجثث القتلى ومن بينهم ضباط برتب عالية وانهيارات في صفوف البقية الذين أخذوا بالانسحاب من مواقعهم خوفا من المفخخات .
تقول أم جواد والشوق يملأ قلبها للعودة لمدينتها بعد انتصارات الثوار فيها:” رغم أنني تركت مدينتي من أجل أبنائي وقد استشهدوا العام الماضي على جبهات ريف حلب الشمالي، إلا أنني أرفع رأسي بهم وببطولاتهم، فدمهم لم يهدر إلا من أجل هذا الوطن وعلى ترابه الطاهر”.
ليست أم جواد وحدها من تنتظر توالي الانتصارات، بل أحياء حلب الشرقية الذين يعيشون أوضاعا إنسانية مزرية مع حلول فصل الشتاء ببرده القارس، فهم بلا غذاء ولادواء ولاحتى محروقات، ورغم ذلك مازالوا يتأملون بفك الحصار عنهم في أقرب وقت لتعانق أحياء عاصمة الثقافة الإسلامية بعضها بعد فراق دام سنوات في ظل القصف والدمار الذي اتبعه النظام بشتى أنواع الأسلحة وأخطرها بغية تهجيرهم والضغط عليهم لتسليمها وتحقيق سياسة التغيير الديمغرافي التي يطمح إليها.
تنهي أم جواد حديثها بدموع تخترقها بسمات أمل تسر القلب وتدعو للتفاؤل بغد أجمل:” شعور مؤلم أن تترك ديارك رغما عنك، وتخرج في ليلة وضحاها تاركا وراءك وطنا بأكمله من أجل أن يحيا المفسدون، لكن عند الله للباطل جولة وللحق جولات، وآن الأوان لأن ينتصر الحق على الظلم ويعود كل مهجر عن أرض حلب لبيته لحيه دون أن يخاف من غدر أولئك الظالمين، فحلب للجميع وليست حكرا لهم”.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد