بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة وسط آمال موسكو في تحسين العلاقات مع واشنطن، وتخفيف العقوبات المفروضة عليها على خلفية الوضع في أوكرانيا، والتعاون مع واشنطن في الملف السوري، تتجه أنظار روسيا إلى حملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا المقرر إجراء جولتها الأولى في 23 إبريل/ نيسان المقبل والثانية في 7 مايو/ أيار.
وتأمل روسيا في فوز “صديق” الرئيس فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ومرشح اليمين، فرانسوا فيون، أو حتى زعيمة “الجبهة الوطنية” اليمينية المتطرفة مارين لوبان، إذ لوّح كلا المرشحين بإمكانية الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا نتيجة للاستفتاء الذي أجري في شبه الجزيرة ذات الأغلبية الروسية في مارس/ آذار 2014.
يعتبر مدير برنامج “السياسة الداخلية والمؤسسات السياسية الروسية” في مركز “كارنيغي” في موسكو، أندريه كوليسنيكوف، أن انتخابات الرئاسة الأميركية التي أسفرت عن فوز ترامب، كانت أهم “الأحداث الروسية” لعام 2016، بينما ستكون “المعركة من أجل فرنسا” الحدث الأكبر في عام 2017. ويقول كوليسنيكوف في حديث لـ”العربي الجديد”: “يربط النظام السياسي الروسي آماله في استمرار انقسام العالم الغربي، بالانتخابات الرئاسية في فرنسا. وستكون النخب الموالية لبوتين راضية عن فوز اليميني المحافظ، فرانسوا فيون، بينما سيشكل فوز لوبان ذروة للشعبوية اليمينية المتعاطفة مع النظام السلطوي الروسي”.
ويشير الباحث الروسي إلى أن “لوبان تتحدث بوضوح وتلتقي مع الشعب وتدعو إلى إعادة السلطة إلى الأقاليم وتدارك الديمقراطية”، متسائلاً: “ماذا يمنع الفرنسيين من التصويت لها مثلما صوّت البريطانيون لصالح بريكسيت والأميركيون لترامب؟”.
ويذكّر بأن فرنسا باتت في عام 2017 في الوضع نفسه تقريباً الذي كانت فيه عام 2002، عندما أسفرت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة عن تقدّم الرئيس الفرنسي آنذاك، جاك شيراك، على جان ماري لوبان (والد مارين) بفارق بسيط، قبل أن تأتي الجولة الثانية ليحصل فيها شيراك على 82 في المائة من الأصوات مقابل حوالي 18 في المائة فقط لمنافسه.
وحول الاختلافات بين سياق عامي 2002 و2017، يضيف: “كانت المشكلة الحالية في مرحلة التكوين عام 2002، إذ لم يكن هناك آنذاك وباء الجهاديين وهجمات إرهابية مثل تلك التي استهدفت مجلة شارلي إيبدو ومدينة نيس، أو نقاشات حول النقاب والبوركيني”. ويتابع: “مع ذلك، ردت فرنسا على هجوم شارلي إيبدو بتظاهرات داعمة لقيم الجمهورية، وقد تنقذ منظومة القيم هذه الديمقراطية الغربية في عام الشعبوية اليمينية”.
ومع احتدام سباق الانتخابات الرئاسية في فرنسا، تشير نتائج استطلاعات الرأي إلى استبعاد احتمال فوز مرشح الحزب الاشتراكي بصرف النظر عن الفائز في انتخاباته التمهيدية، ومن المتوقع أن تقتصر المنافسة على فيون ولوبان. ويُعرف فيون بعلاقته الوطيدة مع الرئيس الروسي، ودعواته إلى الاعتراف بالقرم ورفع العقوبات المفروضة على روسيا، بينما تركز لوبان على الإشادة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، داعية إلى التخلي عن العملة الأوروبية الموحدة اليورو، وبدأت العام الجديد بتصريحات اعترفت فيها بـ”شرعية” ضم القرم.
صدى الشام