“منذ أن اعتقلت يا زوجي والدار مظلمة، لم تكسر بها المصابيح.. كسرت بها القلوب” تلك كلمات “أم أحمد” (35 عاماً) من ريف إدلب بعد أن اعتقل النظام زوجها بتهمة الانتماء للمسلحين تاركاً خلفه أبناءه الصغار وأمهم الحائرة في زمن تعجز فيه الرجال عن استمرار الحياة فيه.
ومع قدوم شهر الخير زاد الألم وكثرت الأعباء المترتبة على عاتق أم أحمد، فحالها كمثل العديد من السوريين الذين تضرر اقتصاد بلدهم بشدة في زمن الحرب منذ أكثر من خمسة أعوام، فالأوضاع أصبحت أكثر صعوبة، بيد أن الكثير من السكان فقدوا القدرة على الإحساس بروحانيات الصوم، ووفقاً للمعطيات، فإن رمضان هذه السنة لن يكون مختلفاً عن سابقه بل هو امتداد لمعاناة في ظل غياب أي مؤشرات لتسوية سياسية غير واضحة حتى الآن.
كشفت أم أحمد عن معاناة زوجها لدى زيارتها له ولمدة قصيرة “خلال شهر رمضان دون أي اعتبار للمعايير التي من المفترض أن تكون متبعة في شهر رمضان، وتعمد سلطات السجن على تقديم الوجبات التي لا تكاد تسد الرمق في الوقت المعتاد دون تغيير، ويبقى الطعام على أرضية الزنزانة الساخنة لعدة ساعات، مكشوفاً أمام الصراصير والحشرات الأخرى”.
وبشكل إجباري يتعايش السجناء مع الظلم والحرمان، وغياب العدالة في السجون، ففيها يشعر السجين بانتزاع إنسانيته ويقضي سنين السجن محروماً مظلوماً، ففي سوريا يقضي آلاف السجناء السياسيين رمضان، داخل السجون والمعتقلات دون أن يتغير عليهم شيء قبل رمضان أو بعده.
كما يكشف “مروان” أحد الناجين من سجون الظلم من إدلب” شهر رمضان لا يختلف عند السجانين عن بقية الأشهر، وسلطات السجن تعامل المعتقلين فيه بالطريقة ذاتها التي تعاملهم بها في أي شهر آخر.. الطعام قليل ويكاد لا يصلح للأكل أصلاً فالبرغل أو العدس ينقع بالماء فقط بدل أن يطبخ، مما يرهق المعدة، ويقدم الخبز التالف المصنوع من الدقيق المختلط”.
ويتابع مروان حديثه” أمضيت عاماً كاملا في زنزانة مع 20 سجيناً تم اعتقالهم لأسباب مماثلة بتهمة (خلايا نائمة)، لم نستطع في رمضان خلق جو اجتماعي وتقليدي، فتراكم المساجين وضيق الزنزانة مع ارتفاع درجة الحرارة وغياب وسائل التهوية، جعل العديد من السجناء يفقدون الوعي وخصوصاً كبار السن والمرضى.. عداك عن مراقبة السجناء، وتعذيبهم نفسياً وجسدياً”.
تدمدم أم أحمد بصوت حزين” عار علينا أن نسكت على كل هذا الظلم الواقع في سوريا، لنرى آلاف الأبرياء من المعتقلين والأطفال والنساء وكبار السن الذين يصومون تقريباً طوال العام من قلة الطعام والعلاج، كيف لنا أن نهنأ في أوطاننا ونحن نراهم، يموتون كل يوم تحت رصاص النظام عديم الإنسانية، وقذائف الروس وحصار حزب الله وأذنابه، إنها حقاً مأساة لا بد أن تنتهي، ولا نشكو همنا وحزننا إلا لله رب العالمين.. الفرج والحرية للمعتقلين.. فالصبر الذي تتحمله قلوبهم لن يضيع بإذن الله.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد