بكثير من الألم تروي المعتقلة السورية السابقة ياسمينا بنشي بعضا من صور التعذيب الذي تعرضت له وزميلاتها، فهي عصية على الوصف كما تقول، لأنها تصل لأبعد مدى من القهر والإذلال.
ويشكل الفرع 215 في المربع الأمني بمدينة دمشق وفق بنشي الأكثر تعذيبا والأعلى نسبة في وفيات المعتقلين تحت التعذيب، بنسبة وفيات ما بين سبعة و15 يوميا بعضهم بسبب التعذيب وآخرون بسبب المرض والإهمال.
وأشد التفاصيل إيلاما في ذاكرتها هي ما يحدث مع المعتقلين في مكاتب التحقيق حيث يواجهون أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي من أجل الحصول على المعلومات والاعترافات، وتروى أنها كانت شاهدة على أحدهم فارق الحياة إثر ضربه بعصا غليظة على رأسه.
ضرب وصعف
وتروى هذه المعتقلة السابقة صنوفا من التعذيب تتعرض لها السجينات في معتقلها، منها الضرب والصعق بالكهرباء والتهديد دوما بالاغتصاب، وكل ذلك من أجل الحصول على معلومات حول نشاطهن الثوري.
“أرغموني في فرع التحقيق العسكري بدمشق على البصم معصوبة العينين على اعترافات من 13 ورقة لا أعرف مضمونها”
اعتقلت بنشي في يوليو/تموز 2013 من منزلها بمدينةاللاذقية، وصادر عناصر الأمن هاتفها النقال وجهاز الحاسوب الخاص بها، واتهمت بالكثيرمن “الجرائم” من وجهة نظر المحققين، منها الاتصال بثوار ريف اللاذقية وتقديم الدعم لهم، وكذلك المشاركة في المظاهرات والتحريض على العنف، ونقل مواد طبية إلى مدينة حمص.
تقول “أرغموني في فرع التحقيق العسكري بدمشق على البصم معصوبة العينين على اعترافات من 13 ورقة لا أعرف مضمونها”.
إذلال وتعذيب
أعقب ذلك نقلها مع أخريات إلى فرع 215 في دمشق حيث تعرضن للتعرية عند الدخول بهدف إذلالهن، ثم صنوف شتى من التعذيب أثناء التحقيق.
وتتابع أنها نقلت وزميلاتها إلى سجن النساء في عدرا جنوب دمشق، وهنا تبدأ رحلة عذاب جديدة أشدها ألما هو الاستماع لما تعرضت له المعتقلات أثناء القبض عليهن والتحقيق معهن وما تعرضن له من تعذيب.
تقول بنشي إنها التقت في هذا السجن بسيدة أوروبية اغتصبها أحد عشر عنصرا في فرع الأمن الجنائي بباب مصلى بمدينة دمشق، بعد اعتقالها في ريف إدلب بتهمة التواصل مع جماعات مسلحة.
معاناة أكبر
وفي واحدة من أشد القصص إيلاما، تحدثت ياسمينا عن معتقلة أنجبت في السجن، وأصيب مولودها باليرقان نتيجة انعدام الضوء وسوء التغذية، ورفض السجانون نقله للمشفى أو إحضار الطبيب لمعالجته، فأخذته إلى مدير السجن الذي رفض بدوره معالجته، قبل أن يتوفي الرضيع بعد ساعات.
وتصف حالة الأم بعد تلقيها نبأ وفاة مولودها بالمأساوية، فقد أصيبت بهستيريا واقتربت من الجنون، “صنعت لعبة من بطانية، وراحت تعاملها كأنها ابنها الذي مات على طاولة مدير السجن”.
وثقت ياسمينا -وهي الحقوقية- كثيرا من معاناة السجينات في سجون النظام، وخرجت من السجن بذاكرة ممتلئة بالألم أثناء عملية التبادل التي جرت بين جبهة النصرة والنظام فيما عرف بصفقة راهبات معلولا.
هربت إلى تركيا ولم تنته رحلتها مع الألم، وتشير إلى أنها كانت في السجن تحلم بالإفراج عنها، ولكنها بعدما رأته من حال بلادها ومواطنيها باتت تحلم بوطن.